لا ترحموا وضيع قوم أذل..!

«ارحموا عزيز قوم ذل»!، هكذا قال البعض فى بعض البرامج المتلفزة، وهذا إن دل على شىء فيدل على قلة فهم للدين، ورؤية مشوشة للواقع.

فأما قلة الفهم للدين، فذلك أن الله سبحانه وتعالى قال: «وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ».

أى أن العزة لآحاد الناس البسطاء الذين يعملون ويكدحون ويصلّون ويصومون، وليست العزة بالمنصب والجاه، وعلى ذلك تكون عزة الرؤساء والملوك والسلاطين عزة مهدرة فى نظر الشرع، إذا لم تلتزم بمنهج الله ورسوله والمؤمنين.

ولا أظننى أجد عاقلاً يستطيع أن يصف منهج حسنى مبارك بمنهج يوالى الله ورسوله والمؤمنين، فقد كان عدوا لله ورسوله، مواليا للصهاينة وأعداء الأمة.

وبالتالى لا يمكن فهم مقولة (ارحموا عزيز قوم ذل) إلا على أنها حديث عن الشعب المصرى!
الشعب المصرى هو العزيز الذى أذله مبارك لثلاثة عقود، أذله بالبطالة، والفقر، والجوع، وتعسير الزواج، والحرمان من الحقوق السياسية.. إلخ.

ويدل هذا الكلام على رؤية مشوشة للواقع، لأن مطالبة الشعب المصرى بأن يرحم مبارك ليس لها من معنى سوى صناعة طاغية جديد.

والواقع يقول إن الدول التى تقدمت لم تتقدم إلا بأن تراقب حكامها، وتحاسبهم، وتعاقبهم.
وترك الحكام بعد أن يقتلوا ويسرقوا وينتهكوا الأعراض عشرات السنين بدعوى أن الله أمرنا أن نرحم عزيز قوم ذل، ما هو إلا رسالة لكل طاغية بأننا شعوب ساذجة ستسامح فى نهاية الأمر مهما فَعَلـْتَ فى حقها، فتكبَّرْ وتجبَّرْ كما تشاء.

إن الشعب المصرى اليوم مأمور بالنقل والعقل أن يسترد ثروته المنهوبة، وأن يعيد توزيعها على البسطاء والفقراء، وأن يحاسب النظام السابق كله على كل الدماء والأعراض التى انتهكت لكى يرسل رسالة صريحة للحاكم القادم بأن المال العام محرّم، وبأن كرامة المواطن خط أحمر، وبأن مخالفة القانون آخرها حساب عسير مهما طال الزمن.

إن الذى قتل ونهب وسرق، ليس بعزيز، بل هو وضيع كل الوضاعة، لأنه لم يرحم رجلاً أو امرأة، ولم يرحم صغيرا أو كبيرا.

إن الرحمة الوحيدة التى يستحقها مبارك، هى المحاكمة العادلة بقضاء مصرى مستقل.

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

على رأسه ريشة

المقال التالي

قسوة القلب

منشورات ذات صلة
Total
0
Share