ناصري …؟ أم إخوان …؟

قال لي صديقي (الناصري) : نريدك أن تشرفنا صباح الخميس أمام ضريح الرئيس العظيم جمال عبدالناصر لقراءة الفاتحة في عيد ثورة الثالث و العشرين من يوليو …!   قلت له : آسف يا صديقي … قال : لماذا …؟ ألا تحب عبدالناصر …؟ أتشك في إنجازات الثورة …؟ قلت : ليس الأمر مسألة حب أو بغض …! قال : إذن … أنت إخوان …؟ قلت : لم أحضر أي احتفالية أو ندوة أو أمسية في مئوية حسن البنا التي مرت منذ عامين …! قال : إذن … ما المشكلة …؟ و بغض النظر عن نهاية الحوار بيني و بين صديقي (الناصري) الذي أحترمه و أقدره كثيرا ، فإنني أشعر أنني أحب أن أوضح وجهة نظري في هذا الموضوع .   أنا ضد تقديس الأشخاص ! الأحياء … و الأموات …! لن يستفيد الناصريون بحضوري أمام الضريح في عيد الثورة ، و لن يتضرر الإخوان بغيابي في مئوية البنا ، و كلاهما (عبدالناصر و البنا) قد نال من تقديس أتباعه الكثير …! كما أنني ضد استمرار المعارك للأبد …!   فليست المشكلة في التقديس فقط ، بل المصيبة الكبرى أن الجراح بهذه الطريقة لا تلتئم ، و المعارك لن تنتهي …!   ما أحرص الفريقين (الناصريين و الإخوان) على أن تظل مصر تراوح مكانها ، لا تتقدم ، بل تتأخر ، و يظل الناس في نفس المعارك التي انتهت منذ عقود ، فنجد قادة الفريقين و كأنهم يورثون المعارك بأحقادها للأبناء ، و الأبناء بدورهم قد ورثوها للأحفاد ، و لا أبالغ و أقول إن الجيل الرابع الآن قد ورث نفس الأحقاد الخبيثة التي تأصلت في خمسينيات و ستينيات القرن الماضي …!     في مرة شاء القدر أن أحضر نقاشا مشتعلا (كاد يتحول لاشتباك بالأيدي) بين شباب لم يكملوا العشرين من أعمارهم ، كانوا يتحدثون عن \”حادثة المنشية\” … و كأنها حدثت أمس !!! يا عقلاء الفريقين … لا معنى لما يحدث …!   و لا مستفيد من هذه المعارك المفتعلة غير الجاثمين على صدورنا من أهل الحكم ، وهؤلاء القوم لا علاقة لهم بفكر عبدالناصر ، و لا علاقة لهم بدين الإخوان …! فبأي منطق أعوج نستمر في إشعال نار خلافات ماتت منذ أربعين سنة …!     لقد حكم عبدالناصر مصر و كان له ماله ، و عليه ما عليه ، و رحل إلى ربه ، وانقلب السادات على عبدالناصر ، و أصبحت الدولة المصرية اليوم لا علاقة لها بدولة عبدالناصر ، وبالتالي … لا معنى لعملية \”شيطنة\” عبدالناصر ، لأن حقبته انتهت !   و النظام الحالي لا يحب الإخوان ، و لا يتعامل معهم إلا كما يتعامل مع جميع التيارات – بما فيهم التيار الناصري – ، و بالتالي لا معنى لعملية تصوير الإخوان وكأنهم أساس تخلف مصر …! المشكلة الآن في نظام حكم مستبد ، يقمع جميع المصريين ، ولو كان في المعارضة المصرية عقلاء لاتحد الجميع من أجل إسقاط هذا النظام ، بدلا من اجترار أحقاد تاريخية لا يستفيد منها سوى أعداء مصر في الداخل و الخارج …!   هل سيسمع صراخي أحد …؟   لا أدري … و لكن أخشى ما أخشاه أن تتحول التعليقات على هذه المقالة إلى عراك بين الناصريين و الإخوان ! سترك يا رب …  

عبدالرحمن يوسف القاهرة 25/7/2009 

المقال السابق

( أبو اللطف ) ... و حركة حماس ...!

المقال التالي

مديح الفرخة للديك ...!

منشورات ذات صلة
Total
0
Share