عمال وفلاحون مع المستشار الغريانى

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 11-11-2012 م 

هل أخطأ سيادة المستشار الغريانى فى كلمته التى قالها عن ثورة يوليو وموقفها من العمال والفلاحين؟ كل الاحترام والتوقير لسيادة المستشار، ولكن الحقيقة أنه قد أخطأ، وذلك من وجهين.  الوجه الأول: أنه بصفته رئيسا للجمعية التأسيسية من المفروض أن يكون قائد التوافق بين المختلفين، لا أن يكون مشعل حرائق بين شركاء متشاكسين.  


والوجه الثانى: أن ما قاله عن ثورة يوليو ليس دقيقا، فعبدالناصر لم يخطئ حين أصدر قرار تمثيل الفلاحين والعمال بنسبة النصف، بل الخطأ هو الاستمرار فى هذا الإجراء لمدة ستين سنة، بدلا من أن يكون تمكينا ودعما مرحليا يتم تخفيفه بحيث ينتهى فى غضون عقد من الزمن.  حين استقر العمل بهذا الاستثناء، فُتح الباب للتحايل والاستغلال، فدخل أباطرة الصناعة على أنهم عمال، ودخل كبار الإقطاعيين ولواءات الشرطة على أنهم من الفلاحين! وبالتالى تكون النتيجة أن القرار فى حد ذاته كان سليما، ولكن استمراره ستين عاما كان عملا لا مبرر له سوى المصالح، وهذا أمر لا علاقة لعبدالناصر ولثورة يوليو به.  


إن هذه الحادثة توضح حقيقة ما يجرى داخل الجمعية التأسيسية، فهى معركة العجائز مع العجائز، وليست معركة تيارات مع تيارات.  إنها جمعية العجائز، تكتب دستور العجائز، بمنطق العجائز، وبأحقاد وضيق أفق العجائز! كل المعارك التى نراها على الساحة السياسية الآن «ومن ضمنها ما يحدث داخل الجمعية التأسيسية» ليست أكثر من ثأرات الماضى الذى بدأ عام 1954، لذلك ترى موقفا مثل موقف المستشار الغريانى، ولذلك سمعنا جملة «الستينيات.. . وما أدراك ما الستينيات»، ولذلك ترى تشنجا فى الطرف المقابل، ينكر كل الفضائل، ويشوه كل الإنجازات.  


إنه جيل واحد، البعض تولى القيادة فى ظروف معينة، وقام بإقصاء الآخرين، واليوم جاء الآخرون، وهم يشعرون أن الزمن يرد لهم اعتبارهم.  لقد قامت ثورة يناير لكى تقفز فوق كل هذه الثأرات والأحقاد، ولكن العجائز مصرون على توريث المعارك لشباب الثورة، تلك المعارك التى اندلعت قبل أن يولد هؤلاء بعشرات السنين، وفى الجمعة المشؤومة «12 أكتوبر 2012» حدث أسوأ ما يمكن أن يحدث، فقد بدأ الشباب بتكوين ثأراتهم الخاصة، وكل ذلك بفضل محاولات العجائز لتوريثهم معاركهم. كل الاحترام لسيادة المستشار الغريانى، وكل الاحترام للأجيال التى سبقتنا، ولكنى أقول لكم باسم الشباب: لن نرث معارككم، وسنبنى البلد بطريقتنا، وإذا أقصيتمونا اليوم فتأكدوا أننا سنكون فى سدة القيادة خلال زمن يسير، وسنحل المشاكل التى ورثتمونا إياها بطريقتنا، لا بطريقتكم.  

عاشت مصر للمصريين وبالمصريين.. 

المقال السابق

أمل جديد... مصر القوية

المقال التالي

الخلافة والإسلام السياسى

منشورات ذات صلة
Total
0
Share