عشر سنوات

فى تلك اللحظة قررت أن أقاوم، ورأيت أن مقاومة الاستعمار فرض عين على كل من يستطيع، وكل بما يستطيعه، وأنا سلاحى القلم، ولذلك بدأت أكتب الشعر ضد الرئيس المخلوع مبارك.  نعم.. مبارك شكل من أشكال الاستعمار، والاستبداد والاستعمار وجهان لعملة واحدة، وما دَخَلَ الاستعمار بغداد إلا بعد أن حكمها استبداد صدام عقودا طويلة أدت إلى انهيار الدولة كلها، وضعف الأمة، وأصبحت العراق هى صدام حسين.  ما يأخذه الأمريكان من العراق بالحرب يأخذونه من مصر برئيس عميل مثل حسنى مبارك، ومن بعده ابنه الفسل الذى يعدونه لكى يتولى مقاليد الحكم لكى يحافظ على مكاسب أمريكا وإسرائيل.
 
عشر سنوات من العمل الوطنى، كتبت فيها عشرات القصائد ضد الرئيس المخلوع، ووقَّعْتُ خلالها على كل بيان دعيت إليه ضد حكم هذا الرجل، وانضممت فيها لكل المجموعات التى قررت أن تقاوم هذا الطاغية، كفاية، الجمعية الوطنية للتغيير، حملة البرادعى، وغيرها. اليوم.. أتأمل تلك الرحلة، وأنظر فى هذه المسيرة التى قطعتها مع عشرات المناضلين، فأسعد وأتألم!
 
أسعد لأن الله قدَّرَ لنا أن نرى لحظة سقط فيها صنم من الأصنام التى لم يتخيل أحد أن يسقط، فقد شاء الله لنا أن نرى يوم الحادى عشر من فبراير 2011، وأتألم بسبب أن كثيرا من رفقاء نضال الأمس قد أصبحوا أعداء اليوم.  لو عادت الأيام سأفعل نفس ما فعلته، وسأقاوم، وسأناضل، وسأسأل الله الثبات على هذا الدرب!
 
قلت فى قصيدة بعنوان «لو عادت الأيام بى» كتبتها قبل الثورة :
 
لَوْ عَادَتِ الأيَّامُ بي/ سَأسيرُ فَوْقَ جَميعِ خُطْوَاتى فَلَسْتُ بنَادِمٍ/ وإعَادَةُ الأيَّامِ تَجْعَلُنى أرى مُسْتَقْبَلى مُسْتَقْبَلا مِنْ ذِكْرَيَاتْ…! صحيح أننا فى حفرة الواقع السيئ بعد أن بلغ الاستقطاب مداه، ولكن ذلك يدفعنى إلى أن أواصل العمل، وإلى بذل مزيد من الجهد، وكلى ثقة فى أن جيلا جديدا من القيادات الوطنية يتكون الآن لكى يقود مصر إلى الخير العميم. عشر سنوات، أحبها، بكل ما فيها من ألم وأمل، وأسأل الله أن تكون خالصة لوجهه، وأن يثيبنى عليها فى الآخرة. عشر سنوات أصبت فيها فى أشياء، وأخطأت فى أشياء أخرى، وأسأل الله أن يغفر لى ولكل من سار فى هذا الطريق، وأن يسامحنى كل من أسأت له بأى شكل من الأشكال.
 
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين..

المقال السابق

علاقاتنا بليبيا

المقال التالي

اعرف عدوك واختر معركتك

منشورات ذات صلة
Total
0
Share