أقولُ تُوُفِّيَتْ، ولا أقولُ رَحَلَتْ، لأنها رَحَلَتْ عَنْ عالمِنا هذا قَبْلَ ذلك التَّاريخِ بعِدَّةِ أَعْوَامٍ، فَقَدْ شَاءَتْ إرادَةُ الله سبحانَهُ أنْ يَرْفَعَ مِنْ دَرَجَاتها عندَهُ بأَنِ ابْتَلاها بمَرَضِ “الزَّهَايْمَر”، فأصْبَحَتْ حاضِرَةً غائبَةً، أو أصبَحَتْ تحضُرُ حينًا وتغيبُ حينًا، ومع الأيامِ أَصْبَحَ الغيابُ أكثرَ مِنَ الحُضُورِ، وللهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ ومِنْ بَعْدُ، ولَهُ الحَمْدُ على كُلِّ حَالٍ .
في ذلك الوقتِ أَيْقَنْتُ أَنَّ الإنسانَ ما هو إلا ذاكرةٌ، وأَنَّ الإِنسانَ بلا ذاكرَةٍ يُصْبِحُ كَيْنُونَةً أُخْرى غَيْرَ كَيْنُونَتِهِ، وسَلْبُ الذَّاكِرَةِ مَوْتٌ حقيقيٌ لا مَجَازيٌّ، يَنْطَبقُ ذلك على الأفرادِ والجَماعاتِ، وقَدْ رَأَيْتُهُ رَأْيَ عَيْنٍ في أَحَبِّ الناسِ إلى قلبي .