كارهو عبدالناصر!

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 3-7-2012 م 


دائما يسأل المصريون بعضهم هل تحب عبدالناصر (أو تكرهه)؟ هل تكره السادات (أو تحبه)؟ وإذا أجبت بحب أحدهما فأنت بالضرورة تكره الآخر، ولا يجوز الجمع بين حب الاثنين أو كرههما!
أسئلة من هذا النوع تتردد على ألسنة العاجزين عن الفعل، فماذا يملك الإنسان حين يعجز عن تغيير الواقع سوى أن يحب أو أن يكره.

فى يوم من الأيام كنت –مثل غيرى– أقيم الأمور بنفس هذه الطريقة، ولكن بعد أن كبرت تكشفت لى حقائق، واكتشفت أننى لا أحب ولا أكره عبدالناصر، ولا أحب ولا أكره السادات، بل إننى لا أبالغ إذا قلت إننى لا أحمل ضد الرئيس المخلوع مبارك مشاعر البغض بقدر ما أحمل له من (اللاحترام) الكثير بسبب خيانته لهذا الوطن.


تقييم الرؤساء والسياسيين لا يكون بالحب والكره، فلا يمكن أن أحب السادات لأن طريقته فى الخطابة تعجبنى، أو أكره عبدالناصر لأنه لم يكن بالأناقة اللازمة.

تقييم الرؤساء الذين حكموا مصر سنوات طويلة يكون بإجمالى ما فعلوه من صواب وخطأ.

يتدخل أمر آخر فى التقييم، وهو مقارنة الرؤساء ببعضهم، ولهذا ترى مبارك دائماً فى المؤخرة، وترى عبدالناصر دائماً فى المقدمة (عند غالبية المصريين والعرب).


ليس الهدف من هذه المقالة أن أوضح مشاعرى تجاه الرؤساء، بل أن أقترح على كل الذين (يحبون ويكرهون) أن يدخلوا عقولهم فى المعادلة، وأن يمنحوا (المخ) نصيباً أكبر من القلب فى تقييم الرؤساء، بل فى تقييم كل السياسيين الذين رحلوا والذين ما زالوا بيننا، وأن يعلموا أن الحساب الإجمالى هو أصدق طريقة فى الحكم على الحكام والمسؤولين.


إذا طبقنا ذلك على واقعنا سنجد أن كثيراً من السياسيين الذين يريد البعض أن يحكم عليهم بالإعدام لم ينالوا فرصتهم الزمنية بعد، وأن كثيراً من السياسيين تمكنوا، بل تفننوا فى حرق أنفسهم فى أزمان قياسية بسبب قفزهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ومن ميدان التحرير إلى المنصة، ومن سفينة الثورة إلى سفينة المجلس العسكرى، ومن التحالف مع الإخوان إلى التحالف مع الشيطان نكاية فى الإخوان.

ألمح قارئا لئيما ما زال يصر على السؤال الأول: (هل تكره الرئيس عبدالناصر؟)…!

وإجابتى: سؤالك خطأ، أنا أحترم تجربة عبدالناصر فى كثير من تفاصيلها، وأظنه قد أخطأ أيضا فى كثير من قراراته المصيرية، ولا أقدسه، وأعتبره جزءا من ماض انتهى، ولا أحب أن يكون عبدالناصر والسادات الذيْنِ انتهى عهدهما سبباً فى اشتعال معارك أخرى بين أجيال لم ترهما أصلاً!

المقال السابق

تحصين الفساد والفاسدين

المقال التالي

معضلة اسمها: «التأسيسية»

منشورات ذات صلة
Total
0
Share