معضلة اسمها: «التأسيسية»

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 4-10-2012 م 

هل ننظر للجمعية التأسيسية لكتابة الدستور على أنها لعنة حلت بالوطن؟ أو على أنها مخرج لخلاص هذا الوطن؟ رأيان، كلاهما له أتباع، وأنا من أتباع الرأى الثانى. 


أتباع الرأى الأول يطالبون الرئيس مرسى بإعادة تشكيل الجمعية التأسيسية لكتابة الدستور لكى تمثل شرائح أكبر من المجتمع المصرى. وكلامهم له وجاهة، ولكن فى ظل حالة الاستقطاب السياسى التى تمزق الحياة السياسية اليوم هل يوجد أى أمل فى أن يتمكن الرئيس من وضع مائة شخصية فى جمعية بحيث يرضى جميع التيارات؟ أعتقد أن الإجابة المنطقية: مستحيل! 


الدكتور معتزبالله عبدالفتاح عضو الجمعية التأسيسية يرى أن الحل أن يخرج دستور مؤقت بعشر سنوات تعبر به مصر مرحلة الاستقطاب السياسى الذى تعيشه. 


اقتراح وجيه، وأنا بدورى قلت قبل ذلك إن الدستور الذى نكتبه الآن سوف يتم تعديله خلال فترة بسيطة، لأن المجتمع -مهما فعلنا- سيكتشف عيوب هذا الدستور بعد كتابته، وبالتالى من الممكن أن يؤخذ اقتراح الدكتور معتز بوجاهة، فالدستور يشبه شقة يتم تشطيبها، ولا يعرف المرء عيوبها إلا بعد أن يعيش فيها بالفعل. 


كان اسم كاتب هذه السطور ضمن المرشحين لدخول هذه الجمعية، ولا أنكر أننى كنت أرغب فى أن أخدم بلدى فى هذا الموقع، ولكن رغبتى تلك لا تجعلنى أطالب بحل الجمعية وتأخير كتابة الدستور لكى أشبع شهوة فردية فى دخول الجمعية الجديدة! 


أرى بعض الذين حرمتهم ظروف الاستقطاب السياسى من دخول الجمعية يصرون على مطالبة الرئيس بحلها وتشكيلها من جديد، ولا أرى ذلك من المروءة بحال، بل أراه تصرفا شديد الأنانية. إن إعادة تشكيل الجمعية سيخلق أزمة لا يعلم عواقبها إلا الله، ولو فرضنا أنها تشكلت فإن ذلك لن يوصلنا إلى نتائج أفضل مما نحن فيه الآن، لأن مكونات المجتمع ستبقى كما هى، وما فى القلب فى القلب! 

ما الحل إذن؟ 

بالنسبة لى، أنا أثق فى مجموعة من الرموز داخل هذه الجمعية، وإذا وصل هؤلاء إلى مرحلة التصويت «داخل الجمعية» وصوتوا بنعم، فسوف أصوت على هذا الدستور بنعم «غالبا»، حين يطرح للاستفتاء. أما إذا انسحب التيار المدنى بالرموز الوطنية التى يثق فيها الناس عند تصويت الجمعية العمومية، فمعنى ذلك أن الميزان قد اختل، وأن الدستور لم يستوف الحد الأدنى من التوافق المطلوب، وحينها سأصوت على الدستور بلا «غالبا»، حين يطرح للاستفتاء. 


أحب أن أنهى هذه المقالة بالتأكيد على أن غالبية ما ينشر فى الصحف عن كوارث موجودة فى الدستور ليس إلا مكائد سياسية، وهى تتسبب فى إفزاع الناس بشكل لا داعى له. اصبروا حتى نصل للحظة الحاسمة، وحينها سنتخذ القرار الصحيح.

المقال السابق

كارهو عبدالناصر!

المقال التالي
ديوان رثاء امرأة لا تموت

عبدالرحمن يوسف وديوانه الجديد ( رثاء امرأة لا تموت ) بالإسكندرية 3 و 5 أكتوبر .

منشورات ذات صلة
Total
0
Share