عام جديد

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 2-1-2013 م 


فى الأربعين يعيش الإنسان مأساته الخاصة، فهو فى برزخ بين الشيخوخة والشباب، طعم الشباب ما زال فى فمه، ولكن وَهَنًا خفيا يتسرب إلى كل حركاته وسكناته. حين يختلط الخاص بالعام تزداد الآلام، وتصبح طموحات الإنسان فى الحياة العامة مصدر ألم وشقاء مهما حقق من الطموحات الخاصة، أو يمسى ويصبح حاملا همين…هم الوطن، وهم نفسه وأبنائه وأحبابه. 


نحن جيل قليل الحظ فقد سقط من نظرنا كثير ممن كنا نعتبرهم أساتذتنا، ونخشى أن يأتى يوم قريب يلعننا فيه كثير ممن نعتبرهم تلاميذنا! نحن الجيل الذى بشر بالتغيير السلمى، ويرى الحلم اليوم مهددا، ويرى الأحداث على الأرض توشك أن تتحول إلى عنف لا يبقى ولا يذر. 


كان حلما جميلا، ظننا أنه قد تحقق، وظننا أن الأيام قد أنصفتنا، وأنها حين أنصفتنا فقد أنصفت آباءنا وأجدادنا الذين عاشوا وماتوا دون أن يروا هذا الشعب العظيم بهذه الحيوية. هل أخطأنا حين آمنا بالتغيير السلمى؟ هل كان واجبا علينا أن نستنسخ عشرات التجارب الفاشلة للأجيال السابقة التى حاولت التغيير بالعنف فلم تجن إلا الشوك؟ ولم يجن الوطن إلا مزيدا من الشحذ لآلة الاستبداد ومزيدا من التمكين للأنظمة العسكرية؟ نحن فى مفترق طرق، ولا بد لهذا البلد من نذير عريان، يصرخ بأعلى صوته فى عجائز هذا الوطن أن أفيقوا، واحترموا أنفسكم، وغلوا أيديكم عن الجيل الجديد، وأرخوا قبضتكم عن رقبة الحلم المختنقة بأصابعكم المجرمة. 


المشكلة أن قتل الحلم سيسجل باسم جيلنا نحن، فبعد عدة سنوات سيرحل هؤلاء العجزة، ويتركون لنا أحقادهم فى تلاميذنا وأبنائنا، ويصبح المطلوب منا -مرة أخرى- أن نقنع جيلا كاملا بجدوى العمل السلمى، وبترك العنف. إنها دائرة جهنمية واحدة، ما زال الجميع فيها لقرن كامل، سؤال وحيد لا إجابة عليه كيف يمكن أن نصنع التغيير؟ إجابتى… بالعمل السلمى، ولا إجابة أخرى، ولعن الله كل من أقنع شباب مصر أو دفعهم بشكل خفى إلى فخ العنف، سواء كان هذا الملعون لابسا عمامة أو برنيطة أو بيريه! عاشت مصر للمصريين وبالمصريين… 

المقال السابق

محضر إثبات حالة

المقال التالي

حقائق مُرّة

منشورات ذات صلة
Total
0
Share