دِبّة أخرى

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 15-8-2012 م 


كلنا نعرف الدبة التى قتلت صاحبها، فقد شاء الله أن نشاهدها تقتل صاحبها على مدار ثلاثين عاما من الحكم العقيم السقيم، وشاء الله أن نشاهد الرئيس المخلوع يمنحه الله الفرصة بعد الفرصة، لكى يتخلص من سائر الدببة التى تقتله صباح مساء، ولكنه – وبفضل مؤهلاته فى العند – لم يتعظ، وأصر على الاحتفاظ بالدببة، بل انتقى أسوأها، وكان حريصا على إطعامها وتغذيتها ورعايتها، فقتلته الدبة مرة بعد مرة، ولكن أعطاه الله آلاف الأرواح، فاستنفدها كلها بفضل غبائه وعناده وإصراره على الاحتفاظ بالدببة فى سائر المجالات، فمات بفعل دبته فى آخر الأمر.  

اليوم نرى دبة جديدة، دبة تمنع مقالا، وأخرى تصادر جريدة، وثالثة تصرح بضرورة إغلاق الفيس بوك! مع كل طلعة شمس يزداد عدد الدببة فى الحياة السياسية المصرية، لا أقول إن الوضع لم يتغير، وإننا ما زلنا فى نفس النظام القديم، فالدبة موجودة فى كل زمان ومكان، وهى موجودة فى أعرق الديمقراطيات، ولكن لابد من التنبيه لأن دبة اليوم غير دبة الأمس، ورئيس اليوم ليس كرئيس الأمس.  فدبة الأمس لم يحاسبها أحد، بينما دبة اليوم ستحاسب فورا، وما أكثر الشرفاء الذين يلجأون للقانون فى حالات التحريض.  

ورئيس اليوم لن يمنحه أحد آلاف الأرواح لكى يظل فى محله برغم أفاعيل الدبة، فإنْ هى إلا غلطة واحدة، فإذا بنا وقد قضت الدبة على صاحبها، وإنْ هى إلا حماقة واحدة وإذا بنا أمام أزمة سياسية فى طول البلاد وعرضها، فنرى أنفسنا مضطرين لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لأن تيارا سياسيا ما لم يحترم الشعب، واتخذ إجراءات ما، أدت إلى سخط الناس، فورطوا رئيسا ما، لأنهم لم يتقوا الله فى اختياراتهم فى رؤساء تحرير الصحف مثلا! 

إن اختيارات رؤساء تحرير الصحف، وتصريحات بعض المسؤولين المندفعين ومصادرة بعض الصحف ومنع بعض المقالات، كل تلك تصرفات دبة تقتل صاحبها، ونصيحة العقلاء لهذه الدبة، أن تتعظ من الماضى البعيد أو القريب، وأن تحاول أن تفكر فى تبعات الاختيارات، لأن الثمن هذه المرة سيكون باهظا جدا، ولن تكون عواقب هذه الاختيارات خسارة بعض المقاعد فى البرلمان، بل هناك رئيس فى القصر قد يدفع ثمن حماقات الدبة التى تولونها أمر الناس بمنتهى الرعونة.  

لن أدخل فى مزيد من التفاصيل، لأن الحق أبلج، ولن أسترسل لأن الأمر أوضح من أن يوضح، والكرة الآن فى ملعب الدبة!

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

تعليقات على القرارات

المقال التالي

هل من مُصغٍ؟

منشورات ذات صلة
Total
0
Share