خير الأجناد؟ أم جنود فرعون؟

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 20-7-2012 م 


كل عام وأنتم بخير…
هذه المقالة أكتبها بمناسبة أننا فى أول أيام رمضان، نسأل الله أن يكون شهر بركة ورحمة لمصر وللأمة العربية كلها. 


هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قال عن جنود مصر إنهم خير الأجناد؟

الحديث موجود فى كتب السنة، أخرج ابن عبدالحكم عن عمر بن الخطاب أنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك خير أجناد الأرض». 


والحقيقة التى لا يدركها غالبية من يستشهدون بهذا الحديث أن هذا الحديث ضعيف جدا، وليس له أى سند صحيح أو حسن، بل كل أسانيده ضعيفة ضعيفة، باتفاق أهل الحديث.

إن المدح والذم فى السنة النبوية وفى القرآن الكريم دائما ما يكون على الأفعال والسلوك، لذلك تراه سبحانه يقول: «كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ». 


وبالتالى فنحن خير أمة إذا قمنا بما كلفنا الله به من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والإيمان بالله، أما التفضيل العنصرى، فهذا لا يعرفه الإسلام، بل تعرفه ديانات أخرى كاليهودية مثلا، فتراها ديانة قائمة على تفضيل شعب مختار على بقية الشعوب «الأغيار».

لقد ذُكر فى السنة أن جند مصر هم خير الأجناد، والحديث ضعيف كما وضحنا آنفا، ولكن الله قد ذم فى القرآن جيش مصر لأنه كان مواليا لفرعون، قال تعالى: «إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ»، وهذا بأفعالهم أيضا، وليس لمجرد أنهم مصريون. لذلك أولى بنا أن نحدد المدح والذم بالأفعال، ولا تضحكوا على جنودنا وعلى كل المصريين بأنهم خير الأجناد، بل علموهم أن يكونوا كذلك، ولا توهموهم بأنهم خير الأجناد وإن ارتكبوا أفعال جنود فرعون. 

ما علاقة ذلك بأول أيام رمضان؟ للأسف… هناك علاقة وثيقة، ففى مثل هذا اليوم من العام الماضى، فى أول أيام الشهر الكريم، وفى اللحظة التى أذن فيها المؤذن للمغرب لكى يفطر الناس، دخل جنود فرعون ببياداتهم مسجد عمر مكرم فى ميدان التحرير، وانتهكوا حرمة المسجد ومن فيه، واعتقلوا من احتموا به، وشاشات التلفاز تنقل الصوت واضحا جليا مرتفعا بسب الدين من جنودنا البواسل برغم الأذان، وبرغم حرمة الزمان والمكان والإنسان، وقد فعلوا هذه الأفعال التى لا يفعلها إلا جنود فرعون وهم يظنون أنهم من خير الأجناد! 

لكى لا ننسى… ارحموا جيش مصر، فهم خير أجناد الأرض إذا كانت قياداتهم تعرف قيمة هذا البلد، وإذا كانت قياداتهم تعرف الفارق بين ذم صريح فى القرآن لجنود فرعون، وبين مدح الحديث الضعيف الذى يتشبث به الضعفاء.


عاشت مصر للمصريين وبالمصريين.

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

سامحكم الله

المقال التالي

قديس العمل الوطنى

منشورات ذات صلة
Total
0
Share