حول تنفيذ صفقة القرن

المقال منشور بموقع عربي 21 بتاريخ 2-2-2020 م

وقف السيد “دونالد ترامب” والسيد “نتنياهو” في مؤتمر صحفي استغرق فيه التصفيق وقتا أكبر من وقت كلمات المتحدثين، واغرورقت فيه عيون كثيرة بالدموع، فقد حصلت إسرائيل على كل ما كانت تحلم به بعد نضال قرن من الزمان تقريبا، نضال شاركت فيه خيانات الحكام العرب بجهد يفوق تضحيات المؤمنين بالقضية الصهيونية.

تتعالى صيحات وصرخات العرب تحذيرا مما يسمى بـ”صفقة القرن”، ويبالغ البعض في تشاؤمه – كالعادة – وكأن الصفقة قد تم تنفيذها بالفعل.

والحقيقة أن هذه الصفقة لم تتم حتى الآن، وليس من السهل تنفيذها.

كتبت قبل ذلك في هذه الزاوية عدة مرات، فقلت: “صفقة القرن مشروع خبيث، ولكن نجاحه صعب، يحتاج إلى أشياء كثيرة على الأرض، أولها أن يتعاون الشعب الفلسطيني تعاونا تاما، وإلا ستظل المشكلة قائمة، وسيظل الوضع على ما هو عليه”.

البعض رأى في المؤتمر الصحفي نهاية، والحقيقة أن هذا المؤتمر ليس أكثر من بداية لمرحلة التنفيذ، واختيار هذا التوقيت للمؤتمر لم يكن إلا لأسباب انتخابية محلية في أمريكا وإسرائيل.

ربما من المناسب أن نستعرض بعض العقبات الحقيقية التي ستعيق تنفيذ هذه الصفقة الخبيثة.

*       *       *

العائق الأول: العائق الشعبي

وهو أمر متفق عليه بين الشعب الفلسطيني كله، بغض النظر عن الانتماء “الفصائلي”، أو الجغرافي، فالصفقة مرفوضة من الإسلاميين والعلمانيين، وهي مرفوضة كذلك من فلسطينيي الداخل، وفلسطينيي الشتات والمنافي.

كما أن هناك رفضا شعبيا عربيا إسلاميا للصفقة في كل الدول العربية والإسلامية، وعواطف الغالبية العظمى من المواطنين ضد هذه الصفقة الخبيثة، ولولا أبواق الأنظمة العربية الداعمة لتلك الخيانة ما تجرأ أحد على الجهر بتأييدها.

وربما يكون الرفض الشعبي هو السبب الحقيقي في عدم إعلان تلك الصفقة منذ سنوات طوال، حيث إن هذه الصفقة بتفاصيلها كلها موجودة في الأدراج كما أشارت تقارير عديدة، وكما شهد بذلك بعض المسؤولين الفلسطينيين.

*       *       *

العائق الثاني: عائق القيادة

هذا النوع من “الصفقات” يحتاج إلى قيادة تاريخية لها وزنها لتوقيع صك التنازل.

في كامب ديفيد قام السادات بهذه المهمة، وفي أوسلو قام عرفات بالمطلوب، وفي اتفاقية وادي عربة الأردنية كان الملك حسين حاضرا، وغير ذلك من الأمثلة.

أغلب الظن أن السيد محمود عباس لن يتمكن من توقيع هذه الاتفاقية، ليس من باب الوطنية المفرطة، فالرجل تاريخه حافل بالخزي والعار كما يعلم القاصي والداني، بل من باب تعارض المصالح الشخصية، فمن أهم ما سيترتب على توقيعها هو انتهاء دوره في اللعبة، ويبدو أنه ما زال طامعا في الاستمرار وهو على مشارف التسعين.

إن الشخص الوحيد الذي يمكن أن يوقع مثل هذه الورقة معروف، فهو صنيعتهم، وشبهات تدبيره لاغتيال عرفات معروفة، ولكن المصالح الشخصية لهذا العميل أيضا تتعارض مع الصفقة، فهو اليوم يشارك في حكم عدة دول بحكم موقعه في غرفة العمليات المخصصة للتدخل في الشأن الداخلي لكل دول الربيع العربي، ولكل الدول التي تملك موانئ أو ثروات يمكن الاستيلاء عليها !

وإخراجه من كل هذا النفوذ لكي يرأس “مقاطعة” صغيرة بلا موارد، وبلا نفوذ، أمر من الصعب أن يقبل به.

بهذا تصبح الاتفاقية معدومة الشرعية، ولا تحقق مصلحة أي طرف في المعادلة الفلسطينية، ولا تجد قائدا يجر المؤسسات والجماهير للرضى بها، وهو ما يضع عائقا حقيقيا لا يمكن تجاوزه، خصوصا أن دعوات مقاومة هذه الصفقة تتعالى، وتلقى تجاوبا من الغالبية العظمى من القيادات الفلسطينية.

*       *       *

العائق الثالث: العائق الإقليمي

هذه النوع من الصفقات يحتاج إلى أنظمة أكثر استقرارا من تلك الأنظمة الإقليمية التي يفترض أن يكون لها دور في إتمام الصفقة.

صحيح أن حالة السيولة التي تمر بها المنطقة تزيد من أطماع القوى الدولية في إتمام أي نوع من الكوارث، ولكن للأمر وجهان، وجه يتعلق بسهولة استحواذ تلك القوى على ما تريده من خلال حكام خونة، ووجه آخر يتعلق باستمرار وتنفيذ ما يتم التوقيع عليه.

هذه الأنظمة التي تشتري بقاءها بالخيانة، وتتسول المساعدات الاقتصادية ببيع استقلال الأمة، هذه الأنظمة أضعف من أن يعتمد عليها في مثل هذه التحولات الكبيرة.

في النهاية.. ليس معنى كلامي أن الصفقة لن تتم، فبوجود هذه الأنظمة العربية أصبحت بلادنا خريطة مستباحة لكل أقلام الرصاص التي ترغب في تغيير الحدود، بل غاية ما في الأمر أن هذه الصفقة ليس من السهل إتمامها، ولو أن هذه الأنظمة أرادت أن تعرقلها فلا شك أنها تستطيع ذلك، ولكن يبقى السؤال.. هل الإرادة موجودة؟

*       *       *

للتذكير: في مثل هذا اليوم (الأول من فبراير عام 2012م) لن ننسى أن قوات من أجهزة الأمن المصرية (لا فرق إن كانت تابعة لوزارة الداخلية أو الدفاع)، حاصرت مواطنين أبرياء في استاد بورسعيد أثناء مباراة كرة قدم بين فريقي الأهلي والمصري، وأجهزت عليهم بكل وحشية.

بعض الشهداء قتل بأسلحة بيضاء، وبعضهم بأسلحة نارية، وبعضهم وقع في الكمين الذي أدى إلى تدافع نتج عنه عشرات القتلى بالاختناق والدهس.

في عهد المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي، حدثت تلك المذبحة، وقتل فيها أربعة وسبعون شابا من خيرة شباب مصر.

سيتحقق القصاص مهما طال الزمان، وقصاص كل هؤلاء هو الديمقراطية، والقضاء على نظام الاستبداد، ثم محاسبة الجناة.. هذه أسماء شهداء مذبحة بورسعيد التي لن ننساها أبدا:

-1ﻣﺤﻤﻮﺩ ﻏﻨﺪﻭﺭ
-2 ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ
-3 ﻛﺮﻳﻢ ﺟﻮﻧﻴﻮﺭ
-4 ﺇﺳﻼﻡ ﻋﻠﻮﺍﻥ
-5 ﺃﺣﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ
-6 ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺼﺎﻡ
-7 ﺳﻴﺪ ﺟﻮﺩﻩ
-8 ﺭﺷﺪﻯ ﺍﻟﻔﻨﺎﻥ
-9 ﺃﻧﺲ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ
-10 ﻛﺮﻳﻢ ﺧﺰﺍﻡ
-11 ﺧﺎﻟﺪ ﺍﻟﺮﺳﺎﻡ
-12 ﻳﻮﺳﻒ ﺍﻟﺒﻄﻞ
-13 ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺟﻤﺎﻝ ﺷﻌﺒﺎﻥ
-14 ﻋﺒﺪﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻓﺘﺤﻰ
-15 ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ
-16 ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻮﺯﻯ
-17 ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻋﺒﻮﺩ
-18 ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﺣﻠﻤﻰ
-19 ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ
-20 ﺃﺣﻤﺪ ﻭﺟﻴﻪ
-21 ﻋﻤﺮ ﻋﻤﺮﻭ
-22 ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺻﺎﺑﺮ
-23 ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺮﻓﺎﻋﻰ
-24 ﻣﺤﻤﺪ ﺳﺮﻯ
-25 ﺃﻣﺠﺪ ﺍﻟﺴﻴﺪ
-26 ﺯﻳﺎﺩ ﺟﻤﺎﻝ ﺍﻟﺪﻳﻦ
-27 ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺘﻮﻟﻰ
-28 ﺣﺴﻴﻦ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺴﻴﺪ
-29 ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﻃﺮ
-30 ﺣﺴﺎﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺍﻟﺴﻴﺪ
-31 ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ
-32 ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪﺍﻟﺤﻤﻴﺪ
-33 ﻣﺼﻄﻔﻰ ﺍﻟﺴﻌﻴﺪ
-34 ﺧﻴﺮﻯ ﻓﺘﺤﻰ
-35 ﺣﺴﻦ ﻓﻬﻤﻰ
-36 ﻣﺤﻤﺪ ﺳﻤﻴﺮ ﻋﺎﻃﻒ
-37 ﺍﻟﻌﺮﺑﻰ ﻛﻤﺎﻝ
-38 ﻣﻬﺎﺏ ﺻﺎﻟﺢ
-39 ﺃﺣﻤﺪ ﺯﻛﺮﻳﺎ
-40 ﻣﺤﻤﺪ ﺃﺷﺮﻑ
-41 ﺃﺳﺎﻣﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ
-42 ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻳﻮﺳﻒ
-43 ﺇﺳﻼﻡ ﺃﺣﻤﺪ
-44 ﻣﺤﻤﺪ ﻓﺮﻏﻠﻰ
-45 ﺃﺣﻤﺪ ﺇﺳﻤﺎﻋﻴﻞ
-46 ﻋﻤﺮ ﻋﻠﻰ
-47 ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻧﺼﺮ
-48 ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪﺍﻟﻨﺒﻰ
-49 ﺃﺣﻤﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﺎﻟﺢ
-50 ﻛﺮﻳﻢ ﺍﻟﻤﻠﻴﺠﻰ
-51 ﻣﺤﻤﺪ ﺟﻤﺎﻝ
-52 ﺇﺳﻼﻡ ﺣﺴﻦ
-53 ﻋﻤﺮﻭ ﻋﻄﺎ
-54 ﺃﺣﻤﺪ ﻋﺰﺕ
-55 ﺳﻌﺪ ﺟﻤﺎﻝ
-56 ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻴﻦ
-57 ﺣﺎﻣﺪ ﻓﺘﺤﻰ
-58 ﺃﺣﻤﺪ ﻃﻪ
-59 ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻟﺸﻮﺭﺑﺠﻰ
-60 ﺃﻳﻤﻦ ﻫﻴﺒﻪ
-61 ﻣﻤﺪﻭﺡ ﺍﻟﺒﻨﺪﺍﺭﻯ
-62 ﺑﺎﺳﻢ ﺍﻟﺪﺳﻮﻗﻰ
-63 ﻣﺤﻤﺪ ﺧﺎﻟﺪ
-64 ﻛﺮﻳﻢ ﻋﺒﺪﺍﻟﻠﻪ
-65 ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮﺩ
-66 ﺃﺣﻤﺪ ﺍﻟﺸﺎﺑﻮﺭﻯ
-67 ﻣﺤﻤﻮﺩ ﺳﻼﻣﻪ
-68 ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﺮﻭﺱ
-69 ﺃﺣﻤﺪ ﺃﺳﺎﻣﻪ
-70 ﺳﻠﻴﻤﺎﻥ ﺃﺣﻤﺪ
-71 ﻣﺤﻤﺪ ﻧﺎﺻﺮ
-72 ﺳﻌﻴﺪ ﻣﺤﻤﺪ
-73 ﺃﺳﺎﻣﻪ ﺃﺣﻤﺪ
-74 ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﺎﺭﻳﻜﺎ

رحم الله شهداء الوطن جميعا

عبدالرحمن يوسف

رابط المقال على موقع عربي 21

المقال السابق

«انتقاد أمين شرطة أصعب من هدم الدين».. لماذا احتفى المصريون بشيخ الأزهر؟

المقال التالي

ذكريات ومبادرات

منشورات ذات صلة
Total
0
Share