جمهورية الخوف.. وجمهورية الحب «2»

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 15-5-2012 م 

إن سلوك السيد المرشح عمرو موسى فى عدم كشف ذمته المالية يدل على أنه «لم يلتحق» بالثورة حتى الآن، ويدل على أن ذمته المالية ليست كذمة غالبية المصريين الفقراء أو مستورى الحال، وأن المقارنة بين ما يملكه عمرو موسى وما يملكه أبوالفتوح ستكون مضحكة، إذ من الواضح أن سبب التهرب من السؤال هو أن الأرقام كبيرة لدرجة ستستدعى أن يسأله البعض «من أين لك هذا؟»، وحديث موسى الآن عن فتح باب التبرعات لحملته الانتخابية لأنها تعانى من مشاكل فى التمويل، أمر يدل على أن فارق الذكاء بينه وبين مبارك ليس كبيرا، فقد كان من الأولى أن يفتح هذا الحساب من البداية لكى يساعدنا على تصديق «المشاكل التمويلية» التى يزعمها. 


هنا أتذكر المونولوجست شعبان عبدالرحيم، وأرى الأمور قد وصلت لمرحلة الهزل، وأشعر أن أوجه الشبه بين المونولوجست وبين الدبلوماسى كبيرة، فالسيد شعبان عبدالرحيم هو دبلوماسى المونولوج، والسيد عمرو موسى هو مونولوجست السياسة! 


فالحديث عن مشاكل تمويلية فى حملة رئاسية بعد أن يطالبك الناس بكشف مصادر التمويل أشبه ما يكون بنكتة فى مونولوج، تماما كتقديم الذمة المالية بعد أن تصبح رئيسا للجمهورية! 


خلاصة الأمر… لقد صدق عمرو موسى فى قوله إن مصر الآن أمام مشروعين، ولكن جانبه الصواب حين عرض ماهية المشروعين المعروضين أمام المصريين. يرى موسى أن مصر أمام خيارين، فإما دولة مدنية، وإما دولة دينية. 

لاحظ كيف يشبه سيده الذى قال «أنا أو الفوضى»، والآن يهددنا موسى بقوله «أنا أو الدولة الدينية»! إن مصر تقف أمام مشروعين آخرين، هما دولة الخوف، أو دولة الحب! 


يخوفنا عمرو موسى من الدولة الدينية، وحين نقول له إن مؤيدى أبوالفتوح من كل التيارات والاتجاهات، وإن الرجل مرشح يقف على أرضية وطنية، يقول إن ذلك بسبب تلون الخطاب، وإن ذلك اصطفاف مصطنع، وإن فى الأمر صفقات، ويحذر عمرو موسى ويخوف المصريين من بعضهم البعض. 

هذه هى جمهورية عمرو موسى، إنها جمهورية الخوف التى يخاف فيها المسيحى من المسلم، والليبرالى من السلفى، واليسارى من الإخوانى، ويخاف فيها المواطن من الشرطة، والشرطة من الجيش، ولا يثق فيها المواطن فى جاره فى السكن أو زميله فى العمل. 

إن جمهورية الخوف التى يدعونا لها عمرو موسى ليست سوى سجن آخر من سجون سيده مبارك، ولكنها قد تحتوى منافذ تهوية أكثر. أما عبدالمنعم أبوالفتوح فقد اختار الطريق الصعب، اختار أن يقول للناس يا أيها الناس تعالوا إلى كلمة سواء، واختار أن يدعو المصريين إلى التوحد والتآلف. 

إنه يقول للمصريين ثقوا فى أنفسكم، فالمشترك الإنسانى الوطنى بيننا كبير، وبإمكاننا أن نعمل فيما اتفقنا عليه، وهو يشكل غالبية التحديات المطروحة أمامنا، وبإمكاننا أن نتعايش رغم الاختلافات بيننا، كما فعلنا لآلاف السنين، وأن الاختلاف إذا أحسنا إدارته سيكون إثراء للحياة، وأن هذا المشروع الوطنى إضافة للجميع وليس حذفا من أحد. 

هل يستطيع عمرو موسى أن يفهم هذا الكلام؟ لن أتدنى فى خطابى لدرجة أن أقول له «أنت ما بتفهمش»، ولكن السؤال سيظل مطروحا. عاشت مصر للمصريين وبالمصريين.

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

جمهورية الخوف.. وجمهورية الحب «1»

المقال التالي

الناخب أذكى من المرشح

منشورات ذات صلة
Total
0
Share