تحريض سافل

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 26-12-2011 م 


إن تعليق صور مقدمى البرامج الرئيسية فى مصر على لوحات بالحجم الكبير فى ميدان العباسية مذيلة بكلمة (إعدام) يدل على نوعية المتظاهرين فى ميدان العباسية، ويدل على شكل التظاهر هناك، ويجعلنا فى موقف حرج، إذ من الصعب أن أصدق أن هؤلاء القوم متظاهرون سلميون بينما هم يريدون إعدام المذيعة الجميلة المسالمة منى الشاذلى! 


هل يعقل أن نصدق أنهم سلميون وهم يرفعون صور غالبية إعلاميى مصر مطالبين بإعدامهم؟ سيقول بعض الأذكياء: «ألم ترفع لافتات مماثلة فى ميدان التحرير؟»، والرد: لم ترفع لافتات التحرير إلا لتطالب بالقصاص ممن أطلق الرصاص على المتظاهرين، وكذلك للتنديد بمعاقبة بعض المذيعين أو الفنانين الذين حرضوا تحريضا سافرا على قتل الثوار، وبعد أن انتصرت الثورة تبين صدق كل ما ادعاه الثوار، ولكن الأمر اختلف حين بدأت الثورة المضادة بالعمل على قدم وساق، وها نحن نرى الآن الوضع وقد انقلب، ونرى أتباع القاتل يطالبون بالقصاص من الضحية. 

إن المساواة بين مطالبة التحرير بإعدام من قتل مئات المتظاهرين، وبين التجنى على أناس يقومون بواجبهم فى إظهار الحقيقة يعتبر فصلا فى مسلسل تزييف الحقائق، ويعتبر أسلوبا جديدا فى الحياة السياسية لا يقبله أى محب لهذا الوطن، فالتحريض على القتل ستكون عواقبه على الجميع، وكما ضرب نجيب محفوظ بخنجر موتور يظن قتل هذا الرجل العظيم قربة لله، قد نجد أحمق آخر يعتدى على أى إعلامى وهو يظن أنه بذلك يخدم مصر. 

إن القتل ليس وسيلة من وسائل السياسة فى مصر، والتحريض عليه بهذا الشكل السافر السافل قد يدخلنا فى متاهة لا أول لها ولا آخر، وقد يفتح أبوابا لا يعلم مداها إلا الله. 

أتمنى من السادة الذين يحركون هذه التجمعات أن يعلموا أنهم يلعبون بالنار، وأن دفع عجلة الخلاف إلى هذا الحد من الشطط لا يقوم به إلا سفيه، ولا يأمر به إلا سفيه، ولا يسكت عليه إلا قليلو العقل، أو عديمو الضمير. 


ليس هدف المقالة حماية شخص الكاتب لأنه كان ضمن من علقت صورهم، بل الهدف حماية الوطن كله من بعض المتهورين الذين لا يتورعون عن إشعال وطن بأكمله لكى يرضوا أسيادهم.

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

هل قدرنا الجهاد الأصغر؟

المقال التالي

ما زالت سلمية

منشورات ذات صلة
Total
0
Share