أسوأ ما فى 2012

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 29-12-2012 م  


أسوأ ما فى هذا العام هو يوم الجمعة 12 أكتوبر 2012! تلك الجمعة التى بدأ فيها شباب التيار الإسلامى وشباب التيارات المدنية أول مواجهة صريحة فى ميدان التحرير نتج عنها مئات الجرحى، وكان كل طرف يتفاخر بما فعله فى الآخر. فى هذا اليوم بدأ الشباب بتكوين أحقادهم الخاصة، ووقعوا فريسة لأحقاد الكبار، ودخلوا فى (فرن الحقد) الذى صهر آباءهم وأجدادهم، حتى وصلت لهم مصر دولة فى بدروم الأمم. فى هذا اليوم كنت فى غرفة الإنعاش فى مستشفى بدولة قطر، كنت أجلس بجوار أخى الأكبر الذى كان يمر بوعكة صحية حرجة، وكنت بين ألمين، ألمى الخاص الذى أراه أمامى فى هيئة رجل مريض هو من أحب الناس إلى قلبى، وألم عام هو بلدى الذى تكاد تأكله نار الحقد. 


ألمى الخاص انتهى، ومن الله على أخى بالشفاء، وقام من وعكته وأصبح بخير حال ولله الحمد والمنة، ولكن الألم العام لم ينته، بل ازداد بعد إصدار الإعلان الدستورى الذى قلب الدنيا رأسا على عقب، وكادت مصر تحترق بسبب رئيس غير حكيم، لم يراع توازنات عديدة، ولم ير مآلات أفعاله، ولم يستشر أحداً ممن حوله. إن أخطر ما فى هذه المرحلة الدقيقة التى نمر بها أننا نكاد نفقد جيل الثورة، وإذا فقدنا هذا الجيل فمعنى ذلك أن مصر ستظل متخلفة مهما فعلنا، وستبقى بلداً لا يتقدم بسبب كره أبنائه بعضهم لبعض، ولأن أحداً لا يستطيع أن ينهض بهذا البلد وحده، ولأن الشباب هو من سينهض بهذا البلد، فإذا تفرق هذا الشباب بسبب أحقاد الماضى فليتأكد الجميع أن نهضة مصر قد أجلت إلى أن يأتى جيل جديد قادر على الحب. 


أسوأ ما فى هذا العام، بدأ فى هذه الجمعة، واستمر فى أحداث الاتحادية، وتفاقم مع كل حادث كبير أو صغير، وما زال الأمر مؤهلاً للاستمرار، وإنى لأشهد الجميع أن التاريخ لن يرحمنا إذا تركنا الحقد يأكل قلوب شباب مصر من أجل مقاعد فى البرلمان، أو من أجل كرسى سلطة، أو صولجان زعامة. أجمل ما فى العام الماضى.. أن هذا المشهد له استثناءات، فما زال هناك مئات الآلاف من الشباب لم يقبلوا أن يدخلوا دائرة الاستقطاب السوداء، واحتفظوا بقلوبهم بيضاء عامرة بحب مصر، هؤلاء هم الأمل. كل عام وأنتم بخير… عاشت مصر للمصريين وبالمصريين… ملحوظة: اليوم هو الذكرى التاسعة لرحيل المفكر العربى العظيم د.أحمد صدقى الدجانى رحمه الله.

المقال السابق

شكرا لكل من اهتم

المقال التالي

محضر إثبات حالة

منشورات ذات صلة
Total
0
Share