هل ثورتنا مؤامرة خارجية؟

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 28-12-2011 م 


يحاول البعض اليوم أن يشكك فى وطنية ثورة يناير، فيقولون إن هذه الثورة كانت خدعة، فهى ثورة قامت بتخطيط أجنبى، وبتمويل أجنبى، وانساق الناس خلفها وهم فى حالة سخط على الأوضاع دون أن يعوا خطورة ما يقدمون عليه، وهم بذلك كانوا أعداء أنفسهم، فشاركوا فى هدم دولتهم دون وعى.

الراعى الرسمى لهذه الأكذوبة هو الإعلام الحكومى. وغالبية القيادات الكبرى للدولة فى المؤسسات الأمنية والعسكرية والثقافية والدينية يؤمنون بأن هذه الثورة العظيمة التى شارك فيها ما يقرب من عشرين مليونا من المصريين ما هى إلا مؤامرة أجنبية، هكذا، بمنتهى السطحية واللامنطقة المتناهية.


يحتار المرء حين يرى نفسه مضطرا للرد على أكذوبة بهذا الحجم، وحين يرى نفسه مضطرا للانجرار إلى نقاش بهذه التفاهة. 


إن الدليل على وطنية هذه الثورة كان يوم 12 فبراير! فى صبيحة هذا اليوم كان الثوار هم أقوى من فى مصر، ولو أردنا أن نرفض حكم المجلس العسكرى لما استطاعت قوة فى مصر إيقافنا، ولو كنا نريد هدم الدولة لهدمناها فى الحال، ولو كانت هناك مؤامرة لبدأت فى تلك اللحظة، فى صبيحة يوم 12 فبراير. 


لقد انصرف الثوار بعد أن نظّفوا الميادين، وسلّموا السلطة –بدون أن يشاركوا فيها– لمجلس محسوب على النظام القديم، ثقة منهم فى جيش مصر العظيم، وهذا أمر يدل على أن هذه الثورة كانت ثورة تغيير وإصلاح، ولم تكن ثورة حكم ومناصب. 

للأسف، ما حدث أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة بدأ الالتفاف على مطالب الثورة منذ اليوم الأول، ولم يستجب لصراخ الثوار وهم يقولون إن تغيير الفريق شفيق أمر واجب، ولم يستجب لصراخ المصريين وهم يقولون إن زكريا عزمى يقيم فى القصر الجمهورى ويواصل الليل بالنهار من أجل أن «يفرم» تاريخ رئاسة الجمهورية، ولم يعرنا اهتماما ونحن نقول إن أمن الدولة يعمل ليل نهار لمحو أدلة قتل الثوار، وإن المليارات تهرب من مصر بفضل قيادات لجنة السياسات فى البنوك، وبدأت مسيرة المليونيات، ولم تنته حتى اليوم. 

إن المجلس العسكرى هو الذى اضطر الثوار الى النزول إلى الميادين مرة أخرى، ولم يستجب لأى مطلب من مطالب الثوار إلا بالضغط المنظم، وهو من بدأ بالتخوين، وهو من سلّط الإعلام الرسمى لكى يشوه الثوار. لو كانت هناك مؤامرة، لما انسحبنا من الميدان فى 12 فبراير، ولو حقق المجلس العسكرى مطالب الثورة، لما نزلنا للميادين مرة أخرى! اتقوا الله، وكفاكم كذبا.

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

ما زالت سلمية

المقال التالي

إصلاح البلطجية

منشورات ذات صلة
Total
0
Share