صفات المستبد «2-3»

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 22-9-2011 م 


الصفة الخامسة: الكذب وهى من الصفات اللازمة التى لا يمكن أن ترى مستبدا يعيش بدونها، فالظلم لا يستمر إلا بكثير من الكذب على الناس. 


المستبد يعجز عن تغيير الواقع إلى الأفضل، وبالتالى يلجأ إلى الكذب، فيحاول أن يقنع الناس بأن الواقع قد تغير، ولكنهم لم يشعروا بذلك بعد، ويكذب دائما بأن يعدهم بالخير العميم. 


المستبد يكذب من أجل تشويه الخصوم، ومن أجل كسب التعاطف، ومن أجل كسب الوقت، ومن أجل أن يغطى على أخطائه، ومن أجل تحسين صورته، ومن أجل مداراة فضائحه، ويستمر فى الكذب حتى تصبح حياته وحياة الناس كذبة كبيرة لا يصدقها إلا هو، فترى الناس تكره هذا المستبد كره العمى، وهو يظن أنه معشوق الجماهير، وترى الناس تعيش فى عسر شديد، وهو يعتقد أنه المتحيز لمحدودى الدخل، وترى مخالفة القوانين عرفا سائدا فى كل مكان، بينما المستبد يتباهى فى خطاباته بدولة القانون والدستور. 

الصفة السادسة: إغلاق دائرة المستشارين يبدأ المستبد حياته -عادة- بالاستماع إلى الناس، ثم يبدأ بتكوين لجان تشير عليه، ثم يبدأ بتهميش وتقليص هذه اللجان، ثم يبدأ بالاستغناء عن هذه اللجان أو المجالس «سمها ما شئت» ويعين مستشارين متخصصين، ثم يبدأ بتهميش غالبية هؤلاء المستشارين ويكتفى بأشخاص محددين، وأحيانا يكتفى مع مضى الوقت بشخص واحد، وأحيانا يقصى جميع المستشارين، ويصبح هو مستشار نفسه، أو بمعنى آخر يصبح هو مجلس مستشارى نفسه. فيصبح الوضع كوميديا مأساويا، فهو الذى يحدد المواضيع التى لها الأولوية، وهو الذى يقرر كيفية النقاش، وهو الذى يحدد طرق العلاج، وهو الذى يحدد آليات التنفيذ، وهو الذى يختار من ينفذ! 


المستبد يرى نفسه مجموعة من المواهب، ويرى نفسه مستغنيا عن الجميع، ومع الوقت تصبح قدرته على تقبل أى رأى مخالف صفرا. ومن الجدير بالذكر أن المستبد مع الوقت تنبت حوله مجموعة من المستشارين الذى يشيرون عليه بما يريده، فهو لا يأمر أحدا بالشر، بل هم يتطوعون بتزيين الشر له بدون أن يؤمروا. نكمل غدا بإذن الله.

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

صفات المستبد «1-3»

المقال التالي

لهذه الأسباب نسيء الظن في المجلس

منشورات ذات صلة
Total
0
Share