خذلتنا يا زويل

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 19-9-2012 م 


كتبت عن أزمة جامعة النيل الأسبوع الماضى، وتعمدت ألا أتعرض لشخص الدكتور أحمد زويل، وألا أكتب رأيى فى الرجل، لأن الهدف لم يكن الإساءة له أو لمشروعه المزعوم، بل كان الهدف إنهاء مشكلة جامعة النيل بشكل يعيد الحقوق لأصحابها، ويحفظ ماء الوجه لجميع الأطراف. 

ولكن الدكتور زويل أبى إلا أن يخوض الصعب، وأن يستمع لمجموعة من حوله، فهم محترمون لا يدركون أبعاد المسألة، وفيهم وصوليون يصورون له الأمورعلى غير حقيقتها، وهم يعظمونه ويمجدونه حتى كاد ينفجر من شدة العجب، وها هو العالم الفذ، يقبل أن تطأ بيادات رجال الأمن حرم الجامعة (جامعة النيل أو جامعة زويل، لا فرق!)، وها هو يصمم أن ينظر للآخرين من علٍ، وأن يستمرئ الكذب، وأن يوغل فى الخداع، وأن يعتبر ذاته شيئاً مقدساً، وآراءه أحكاما قاطعة، فأصبح لا يرى إلا نفسه، ولا يوقر إلا ذاته. 

أحمد زويل، أستاذ العلاقات العامة، قبل أن يكون أستاذ الفيزياء، الانتهازى المحترف، الذى قَبِلَ أن يزور إسرائيل ثم جاء يعلمنا أن الدين لا جنسية له. 


وقَبِلَ أن يسير فى ركب مبارك كى يرمى له بعض الفتات عسى أن يدخل به التاريخ. كان يتوهم أن حدأة الاستبداد ستلقى إليه بكتاكيت البحث العلمى، فما كان منه إلا أن أهين، واستهان به نظام مبارك، وبرغم كل قدراته فى العلاقات العامة، لم يتمكن من التعايش مع نظام مبارك، ليس لطهارة أو نزاهة، بل لأنه لا يفهم كيف تدور ماكينة الفساد فى مصر. 


زويل الذى قَبِلَ أن يوالس شفيقاً، وأن يعاد له مشروعه المزعوم مقابل مكاسب سياسية، يتحصل عليها رئيس الوزراء الذى عينه مبارك، رئيس الوزراء المطارد بتهم تخل بالشرف. 


زويل الذى لم يقدم للشعوب العربية شيئاً يذكر، وكان دائما مع الملوك والسلاطين والرؤساء ضد الشعوب، ولم ينطق يوما بكلمة حق أمامهم. 


ليس مطلوبا منه أن يتظاهر معنا فى ميدان التحرير، فملابسه من ماركات أغلى من أن تتسخ بتراب المظاهرات، ولكن كل المطلوب أن يكف أذاه عن جيل كامل.. لم يعد يثق فى أحد! كيف نقنع أبناءنا باحترام العلم والعلماء، ونحن نرى أكبر عالم مصرى معاصر يتجرد من الشهامة والمروءة، ويقبل أن تدخل الشرطة إلى حرم جامعى، فتضرب من تضرب لكى توضع فى آخر الأمر لافتة عليها اسمه؟ بئس العلم، وبئس الخلق، وبئس حامل العلم، وتعسا لهذا المشروع. 

إن المشروع العلمى الذى يبدأ بإهانة القيم، وإزدراء الإنسان لهو مشروع محكوم عليه بالفشل. والكلمة الأخيرة لن تكون لبيادات الأمن، بل ستكون للقانون، ونحن فى انتظار أحكام القضاء التى ستنصف كل مظلوم، وحينها لن نقبل من أحد اعتذاراً، لأن الوقت سيكون قد تأخر. 

كلمة أخيرة أقولها للدكتور زويل.. لقد خذلتنا قبل الثورة بوقوفك شيطانا أخرس أمام الظلم، ولم تنطق أمام مبارك كما فعل البرادعى مثلاً، وكل إنجازاتك كانت لنفسك، فعلام تتكبر علينا يا رجل؟ قيل قديما: مَنْ صَارَعَ الحَقَّ صَرَعَهْ!

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

خاطرة فى يوم الميلاد

المقال التالي

اهمدوا شوية أو اعملوا بجد!

منشورات ذات صلة
Total
0
Share