الفارق بيني وبينهم

المقال منشور في موقع مصر العربية بتاريخ 1-1-2014 م

في بداية هذا العام الميلادي الجديد، أهنئ كل المصريين، وكل العرب، وأدعوالله أن يكون عام خير ونصر، وأن يعز الله فيه هذه الأمة، وأن يكتب لها الحرية والاستقلال الوطني. كان العام الماضي عاما عصيبا، دارت فيه حوارات بين الأعداء والأصدقاء، وحدثت فيه خلافات داخل البيت الواحد، وانفصمت عرى، وانتهت صداقات، بل لا أبالغ إذا قلت إن أزواجا قد فرقت، وبيوتا قد هدمت. هذا أنموذج لحوارات دارت بيني وبين آخرين. يقول لي صديقي : لماذا لا تشتمهم كما شتموك؟ لماذا لا تفضحهم هؤلاء الذين يزايدون عليك وعلى مواقفك؟ قلت : ولكن بيني وبينهم عشرة وود! قال : ولكنهم لم يحفظوا هذا الود، بل فجروا في الخصومة وكأن بينهم وبينك عداوة أزلية.

قلت : وهل تريدني أن أقتدي بهم وأفعل ما تستنكره أنت الآن؟ قال لي : البادئ أظلم. قلت : والطبع غلاب، وكل إناء ينضح بما فيه … والخ ! هناك ألف مثل يؤيد ما أفعله من عدم رد الإساءة بإساءة. قال : أنت تعرف أنهم خونة! قلت : من قال لك ذلك؟ أنا أعرف عشرات الشخصيات العامة التي تتخذ موقفا معاكسا لي تماما منذ الثالث من يوليو ولكني لا أراهم خونة، بل أراهم وطنيين، يصيبون ويخطئون، ولكني أختلف معهم! قال : ولكنهم يخَوِّنونك في مجالسهم، ويقولون عنك كلاما سيئا، وبعضهم يقول ذلك علنا في وسائل الإعلام، كلهم يفعل ذلك.

قلت : ليس كلهم يفعل ذلك، ومن يفعل ذلك مخطئ، ولا أحب أن أخطئ أنا أيضا، بل أحب أن أفتح بابي لكل من ستبدي له الأيام ما كان جاهلا، لكي نكمل نضالنا سويا نحو الهدف الأعظم، وهو خدمة مصر والمصريين، وتحرير هذا البلد من العبودية، وبناء دولة القانون. قال : أنت تحلم، هؤلاء باعوا أنفسهم، ولن يعودوا إلى الصواب أبدا. قلت : ما زلتَ مصممًا على تعميم الاتهامات، وأنا أعذرك، ولكني لا أتفق معك . هذا الحوار دار عشرات المرات بيني وبين كثير من الأصدقاء الأعزاء، وأنا أحب أن أثبت لكل رفقاء النضال الذي يقولون كلاما سخيفا عني وعن غيري بسبب حالة الاستقطاب الصعبة التي نمر بها… أحب أن أذكر الجميع بأيام عظيمة وقفنا فيها سويا أمام الرصاص بصدور عارية، وكيف كنا جنودا في معركة واحدة، يحنو كل منا على أخيه، ويبذل مما معه من أجل القضية.

من العيب أن نشتم بعضنا سرا أو جهرا، ومن العيب أن ننسى ما بيننا من ود، ومن الخبل أن نستسلم لأوهام ينشرها إعلام موتور عن أناس عرفناهم وعاشرناهم واختبرناهم في الشدة واليسر، من العار أن نفجر في الخصومة لمجرد خلاف في الرأي في لحظة يتكاثف فيها الضباب على العقول والعيون. إذا كان منهج البعض (معاهم معاهم…عليهم عليهم)، فإن منهجي هو أن أحاول أن أكون مع الحق، وأن أكون ضد الباطل، وأن أحترم من اختلف معي في الرأي، وأن لا أفجر في خصومة من جمعتني بهم الأيام سنوات وسنوات . ليس من الشجاعة ولا الرجولة والوطنية أن تغير رأيك في إنسان بدون أسباب موضوعية حقيقية، وليس من العقل ولا الحكمة أن تمدح إنسانا وتصعد به إلى السماء السابعة، ثم تهوي به فجأة إلى سابع أرض لمجرد رأي اختلف معك فيه.

وإذا كان هذا ما يقع فيه كثيرون، فإني لا أحب أن أتصف بهذه الصفات، وأحب أن يكون هذا أمرا فارقا بيني وبينهم . كل عام وأنتم بخير، وأتمنى للجميع عاما سعيدا. ملحوظة : بهذه المقالة أبدأ رحلة نشر جديدة مع موقع مصر العربية. أتمنى لفريق عمل هذا الموقع كل التوفيق، وأن يكونوا مثالا للعمل تحت قيم الإعلام والصحافة الرشيدة، التي لا تغفل الأمانة، وتراعي أصول المهنة.

للتعليق على المقال في موقع مصر العربية 

المقال السابق

فنجان الرحيل مع الدجاني

المقال التالي

ما بعد الانقلاب...!

منشورات ذات صلة
Total
0
Share