2011
إهـــداء
إلى شهداء ثورة الصَّبَّار الأبرار ...
وإلى المصابين والجرحى ...
وإلى شعب مصر العظيم ...
عبدالرحمن يوسف
(( مقدمة ))
في ميدان التحرير ، حاصرونا ، وحاولوا منع الماء والغذاء والدواء ، ونحن صمدنا معتصمين ...! وقفنا كنبتة الصَّبَّار في الصحراء ، هذه النبتة الأبيَّة التي تعيش رغم انعدام الماء لسنوات وسنوات ! الصَّبَّار يواجه كل حيوان يحاول أن يأكله بالشوك ، وقد ذاق من هاجمنا شوكنا ...! ولنبتة الصَّبَّار زهور وثمار ، وها نحن نحاول أن نمنح أرضنا وشعبنا وأمتنا زهورنا وثمارنا ...! هذا هو إحساسي حين بدأ الاعتصام في ميدان التحرير في 28 يناير 2011 .
إنها ثورة الصَّبَّار ...!
هذه المذكرات عبارة عن بعض الخواطر التي كتبتها أثناء أيام الاعتصام في ميدان التحرير خلال الثورة المصرية العظيمة ، وكنت قد بدأت التدوين في يوم جمعة الغضب 28 يناير 2011 ، وظللت أدوِّن إلى فجر 3 فبراير ، وهو يوم معركة الجمل . ولكن ما كتبته ضاع مني أثناء الكرِّ والفرِّ في هذه الليلة الليلاء ، وأصبح أمامي تحد ٍّ يفرض عليَّ أن أستعيد الكثير من التفاصيل ، بالإضافة إلى استعادة المشاعر والأحاسيس التي صاحبت المرء خلال الأحداث ، وقد قررت أن أخوض هذا التحدي ، وبدأت الكتابة من جديد ، وأتمنى أن أكون قد وفقت فيه .
وقد كان المفترض أن تنشر جريدة « المصري اليوم » هذه المذكرات على شكل حلقات يومية ، ولكن تمَّ تقطيع المذكرات وتوزيعها على أكثر من شهر بدلاً من النشر اليومي المتواصل الذي اتفق عليه ، الأمر الذي أدى إلى صعوبة متابعة القارئ لها ، وهو ما أدى لتأخر صدور هذا الكتاب . قد يرى بعض القراء الكرام أنني لم أذكر الكثير من التفاصيل التي حدثت بالفعل خلال أحداث الثورة ، وأنا هنا أحب أن أوضح الفرق بين كتابة المذكرات ، وكتابة التاريخ . أنا لست مؤرخًا ...! أنا أكتب ما رأيته بنفسي في أغلب الأحيان ، أو ما رآه الآخرون في تفاصيل قليلة جدًّا .
إن وظيفة كاتب المذكرات أن يُقدِّم ما رآه ، لا أن يُقدِّم صورة كُليَّة للحدث ، وهذه المذكرات هي ( المادة الخام ) للتأريخ ، ومن خلال جمع مذكرات أشخاص كثيرين يستطيع المؤرِّخ أن يصل للصورة الكُليَّة ، بالإضافة إلى الوثائق والصحف ... إلخ. وبالتالي ، تصبح العملية أشبه ما تكون بعمل المصوِّر (الكاميرا مان) ، والمُخرج ...! أنا (كاميرا مان) ، وما قرأه القارئ الكريم ، هو ما التقطته كاميرتي الخاصة !
المؤرِّخ ، يجمع كل ما التقطته الكاميرات ، ليصنع منها فيلمًا متكامل الأحداث ، بعد أن يقوم بعملية المونتاج ...! وبالتالي ، لا مجال لِلَوْمي في تجاهل أحداث حدثت ، لأني لم أكن شاهدًا عليها . لامني البعض كذلك على أنني قد ذكرت بعض الأشخاص بكثرة خلال الحلقات ، ولامني البعض على أنني قمت بعمل (دعاية) انتخابية للدكتور البرادعي في ثنايا هذه المذكرات .
وأنا أقول - بكل الصدق - لقد كتبت ما حدث ، ولم أقصد سوى أن أقول الحقيقة ، فإن كان ذلك ذمًّا أو مدحًا في أشخاص ، فذلك ليس ذنبي ، لأنني لم أذكر سوى ما حدث ...! لامني البعض أيضًا على لهجتي القاسية ضد الرئيس المخلوع حسني مبارك ، بل إن بعض القراء الكرام أشاروا إلى أن ذلك يعتبر شكلاً من أشكال الشجاعة المتأخرة ، أو ادعاء البطولة بعد أن سقط العجل ، وكثرت سكاكينه ، وأنا هنا لا أملك سوى أن أحيل كل هؤلاء القراء إلى موقعي على الشبكة العنكبوتية ، وإلى دواويني ، وإلى مقالاتي لكي يتأكدوا أنني وقفت ضد الرئيس المخلوع بالنثر والشعر ، في العالَم الافتراضي والعالَم الحقيقي ، وذلك منذ عام 2004 ...!
وبالتالي لا يحق لأحد أن يلوم عليَّ قسوتي عليه بعد أن سقط ، طالما قد اشتبكت معه وهو في قمة القوة والسلطة ...! طالبني البعض بأن أتحدث في مواضيع كثيرة ، مثل : كيف قامت هذه الثورة من الأساس ؟ ما دور الحركات الاحتجاجية المختلفة في قيامها ؟ وكيف حدث التراكم الذي أدى لهذا التحرك الشعبي الرائع ؟ ما دور الشخصيات الوطنية في نجاح الثورة ؟ وإلى غير ذلك من الأسئلة المهمة .
وأنا بدوري أوضح أنني قد أفصِّل ذلك في كتاب آخر يحاول أن يشرح ( كيف حدث التغيير في مصر ) ، وهذا الكتاب - إذا كتبته - سأحاول أن أحكي فيه قصة التغيير في مصر ، كما شاركت فيها ، وكما رأيتها خلال العقد الماضي . في النهاية ، أحب أن أرد على ما اتهمني به البعض بأنني قد أخطأت في بعض تصرفاتي خلال أحداث هذه الثورة ، بأنني أشكر وأُقدِّر كل الذين وجهوا لي هذا النقد ، ولكني ألوم الذين شككوا في نيتي ، أو رمَوني بتهمة حب الظهور ، أو الرغبة في منصب ! أنا إنسان ، أُخطئ وأُصيب ، ولكني أزعم أنني في كل ما فعلته لم أكن أريد إلا الإصلاح ، ولم يكن لي مطمع شخصي .
إن هذه المذكرات ، وكل ما اجتهدت في تقديمه - أنا وغيري - خلال هذه الثورة ، ليست سوى جهد قليل بجوار أُناس قدموا حياتهم ثمنًا لحرية هذه الأمة . في النهاية ... لا بدَّ أن أشكر كل الذين ساعدوني في كتابة هذه المذكرات من خلال تذكيري ببعض الأحداث ، ومن خلال إمدادي ببعض الصحف والوثائق التي احتجتها في لحظات الكتابة ، وأولئك الذين تكرموا بمراجعة ما كتبته قبل أن ينشر ، وكلهم أصدقاء أعزاء ، وأساتذة أجلاء ... لقد كان لهذه المساعدات قيمة كبيرة بعد أن فقدت أغلب ما كتبته كما سبق أن ذكرت ، ولولا هذه المساعدات التي تكرموا بها لَما ظهرت هذه المذكرات للنور بهذا الشكل .
أكرر شكري لكل مَن ساهم في هذه المذكرات ، ولكل مَن قوَّم فيها شيئًا ، ولكل مَن قرأها وأعجبته ، وأحترم كل مَن اختلف معها ، وأتمنى أن يكون لي رصيد عند المختلفين ... والله يسدد الخطا ...
عبد الرحمن يوسف
بيت القصيد بكفر حكيم
الجيزة 1/5/2011
الفصل الأول :كيف انطلقت ثورة الصَّبَّار ؟
* من أين نبدأ ؟
* لحظة الانطلاق في عيد الشرطة 25 يناير
* الخروج من الحصار
* لحظة دخول الميدان
* إذاعة التغيير بميدان التحرير
* بداية الهجوم
الفصل الثاني : جمعة غضب لكل الشعب
* التظاهرات مستمرة ، والبرادعي في القاهرة
* ليلة جمعة الغضب
* جمعة الغضب ، تاريخ جديد لمصر
* معركة ميدان الجيزة
* انتهاء المعركة ، وبوادر أخلاق الميدان
* مشاهد عامة من القاهرة
* الخطاب الأول لمبارك ، ونتائجه
الفصل الثالث : معركة الصبر
* الليلة الأولى في ميدان التحرير
* بداية الاعتصام ، والخطوة التالية
* الصحافة المصرية والثورة
* ميدان التحرير « المدينة الفاضلة » !
* حصار الميدان ، وشعور نبتة الصَّبَّار
* الدكتور البرادعي في ميدان التحرير
* كيف تحايلنا على الجيش لإعلان موقفه ؟
* المليونية الأولى ، وخطاب مبارك الثاني
* انقسام الشعب بعد الخطاب الثاني
الفصل الرابع : العنف لن يفيد
* موقعة الجمل ، بطولة شعب !
* بطولة ضابط جيش
* استمرار المعركة حتى الفجر
* الفصل الأخير في معركة الجمل تحت تمثال الشهيد
* الرصاص الحي يحسم المعركة للثوَّار
* اختبار صعب للإعلام المصري
* المستشفى الميداني ، بطولة في الظل
الفصل الخامس : نضال ، وسياسة
* لقاء شبابي في منزل البرادعي
* محاولة للذهاب إلى البيت
* جمعة الرحيل ، ودور رجال الدين
* اجتماع مهم في عيادة الدكتور عبد الجليل مصطفى
* الاجتماع مع الفريق شفيق
* لقاء اللواء عمر سليمان
* اجتماع موسَّع لم نتوقعه !
* اجتماع ضيق مع عمر سليمان
* مشادة في عيادة الدكتور عبد الجليل
الفصل السادس : الانتصــــار
* ثمرات الاجتماع مع عمر سليمان تظهر
* الميدان يبدع
* توتر الأيام الأخيرة
* جمعة الشهداء ، وخلع الرئيس