وخسرنا القضية

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 5-5-2012 م 

قضية عادلة، مضت عليها سنوات طويلة، بين الإهمال وسوء الإدارة وجور أبناء العمومة، أعنى قضية المساجين المصريين فى سجون المملكة العربية السعودية، بل فى الدول العربية كلها.   ثم قامت الدنيا فجأة، إذ جاء الخبر المستفز، محام مصرى، ذهب معتمرا، دخل المملكة فتم اعتقاله لتنفيذ حكم صدر بتهمة إهانة الذات الملكية، وسيقضى سنة مع الجلد عشرين جلدة. 

فى تلك اللحظة كنت من الذين بحثوا عن أى مصدر لهذه الرواية، وظللت يومين كاملين أنقب وأفتش عن أى مصدر من أى شخص أو جريدة أو وكالة أنباء أو مصدر رسمى أو حتى شبه رسمى، ولكننى لم أجد سوى كلاما على تويتر والفيس بوك.   

لم أعلق على هذا الأمر طوال الأيام الماضية، والآن وبعد أن تأكدنا جميعا أننا قد تسرعنا قليلا، أحب أن أقول الآتى: 


أولا: قضايانا عادلة، ومنها قضية المسجونين المصريين فى سجون المملكة العربية السعودية. 


ثانيا: بتسرعنا نسىء إلى بعض قضايانا، فالله سبحانه قد خلق سننا لهذا الكون، وخلق أعرافا وتقاليد يتعامل بها الناس، وتتعامل بها الشعوب، وتتعامل بها الدول كذلك.   


أعتقد أن قضية المساجين المصريين فى السعودية فى أسوأ حالاتها الآن، والدولة المصرية الآن فى وضع سىء، فهى فى الوضع الأضعف لا لشىء سوى لأن تحركات شعبية بدأت باتجاه المملكة، وباتجاه الأسرة الحاكمة، وباتجاه الملك شخصيا، وتبين أن كل ذلك قد بنى على كذبة، فلا يوجد حكم على الرجل، ولا هو سجين لتنفيذ هذا الحكم، ولا يوجد عقوبة جلد ستنفذ، ولا توجد تهمة الإساءة للذات الملكية من الأساس!   

ثالثا: أكبر عيب فى هذه القضية أنها ليست المرة الأولى التى نقع فيها فى هذا الفخ، بل هذه هى المرة الثانية، ومباراة الجزائر ليست عنا ببعيد، وإذا كان الأمر فى المرة الأولى قد سار بتوجيهات عليا من رأس الدولة، فهذه المرة تصرفنا فيها بشكل أقرب إلى الغوغائية منه إلى العقل والحكمة، ولم يكن للدولة رأس يأمر بذلك.   

رابعا: ستظل قضية المسجونين المصريين فى السعودية وغيرها قضية عادلة، وينبغى أن نبدأ بتأسيس سياسة مختلفة فى تعاملنا مع كل الدول، بدون أن نخسر هذه الدول، وبدون أن نسىء إليها أو إلى أنفسنا، وبدون أن نتنازل عن كرامة المواطن المصرى.   

خامسا: من أهم دروس هذه المحنة أننا لا نملك وزارة خارجية، وأن السيد وزير الخارجية وكبار معاونيه وجودهم كعدمه، وهذا ملف ينبغى أن يكون من أوائل الملفات التى يتناولها الرئيس القادم، إذا كان يهمه أن يعاد انتخابه! 

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

وَهْم الجريمة الكاملة

المقال التالي

عبدالرحمن يوسف في ضيافة الحزب المصري الديمقراطي السبت 5 مايو .

منشورات ذات صلة
Total
0
Share