مقصلة التزوير

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 15-3-2012 م 


من خلال المؤشرات الأولى لانتخابات الرئاسة المصرية، يظهر عند كثير من المصريين كثير من القلق على مدى «نزاهة» هذه الانتخابات، والسبب فى ذلك، أن بعض الشبهات قد تحوم حول بعض الأشخاص المسؤولين عن إدارة هذه الانتخابات، وكذلك بسبب تراخى اللجنة العليا فى مراقبة كثير من المخالفات الفاضحة، التى يقوم بها المرشحون منذ انطلاق السباق من أجل «شراء» التوكيلات اللازمة، لاستيفاء شروط الترشح، وكذلك بسبب المادة «28»، تلك المادة التى تحصن قرارات اللجنة القضائية المشرفة على العملية الانتخابية، تلك اللجنة التى دخل فيها بعض الأشخاص، الذين تحدثنا عنهم فى بداية هذا المقال، وقلنا إنهم ليسوا فوق مستوى الشبهات، بحكم أن المناصب التى يشغلونها قد عينهم فيها مبارك، أى أنها لم تكن إلا مكافأة على شىء ما!   

إذا افترضنا أسوأ الافتراضات، وقلنا إن تزويرا سيحدث فى انتخابات الرئاسة، فإن ذلك سيكون مقصلة تقطع رقبة كل من يشترك فى هذا العمل الإجرامى الأثيم، وإننى لأجد لزاما علىّ أن أحذر من موقعى كمواطن، وكاتب يحب هذا الوطن، ويخاف عليه، أحذر كل من يرى أمامه أى بادرة قد تؤدى إلى إلقاء الشبهات على نزاهة الانتخابات بأن يقول «لا» بأعلى صوته.    


لو زورت انتخابات الرئاسة، ستكون كارثة حقيقية على بنيان الدولة المصرية الممتلئ بالشروخ، وستسقط الدولة المصرية، لأنها لن تتحمل ثورة جديدة «وهو ما سيحدث»، وسندفع جميعا ثمن هذا العمل الإجرامى الأحمق.    


إن الدولة المصرية ملك للجميع، ومن يخطط لتزوير انتخابات الرئاسة، يخطط فى حقيقة الأمر لهدم هذه الدولة على رأس الجميع، وتزويرها عمل سيسهل كشفه، ولا توجد قوة تستطيع أن تفرض التزوير كأمر واقع، مهما تمترست هذه القوة خلف هيبة الدولة المزعومة.    

إن شجرة الدولة المصرية تظلل الجميع، وقد قال المصرى القديم حكمته الشهيرة: «الشجرة اللى تضلل عليك، ما تدعيش عليها بالقطع»، تماما كما قال: «بير تشرب منه ما ترميش فيه حجر».    


ولكن حين تزور انتخابات بهذه الأهمية، ستصبح هذه الشجرة لا تظلل على أهلها، وستصبح شجرة خبيثة، يريد أهلها أن يجتثوها من فوق الأرض، وحينها سيتذكر المصريون حكمتهم القديمة: «الشجرة إلى ما تضلل على أهلها والله حل قطعها».    


من يقطع شجرة الدولة المصرية، هو من يريد أن يمنع ظلها وثمرها عن أهل مصر، لكى تمنحهما لأعدائها، ومن يفعل ذلك سيدفع ثمن هذا الإجرام إن عاجلا أو آجلا.  اللهم قد بلغت.

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

مافيش فايدة!

المقال التالي
Video featured image

حوار الشاعر عبدالرحمن يوسف براديو أرابيسك مارس 2012

منشورات ذات صلة
Total
0
Share