مصر بين مشروعين

المقال منشور بموقع عربي 21 بتاريخ 31-5-2014 م

انتهت مسرحية الانتخابات الرئاسية، وها هو الشعب المصري العظيم قد أعطى النظام المغتصب صفعة على القفا، وها هو مشروعهم يفشل منذ بداية اليوم الأول.

مصر اليوم بعد ستين عاما من حكم العسكر بين مشروعين، المشروع الأول: مشروع السادة والعبيد.هذا المشروع بإمكانك أن تطلق عليه ما تشاء من الأسماء (حكم العسكر، دولة الرأسمالية المتوحشة، دولة رجال الأعمال …الخ). 

جوهر هذه الدولة هو أن المصريين ليسوا سواسية، بل فيهم السيد وفيهم العبد، فيهم (ولاد الناس)، وفيهم (ولاد الكلب)، وعلى هذا الأساس سترى كل وزارات الدولة، وكل الوظائف، وكل المناصب القيادية، وكل الفرص الاستثمارية.

هل رأيت يوما سفيرا مصريا يتحدث بأي لكنة (فلاحي)؟

مستحيل، لأن الفلاحين من طبقة العبيد، بإمكانك أن تسأل أسرة عبدالحميد شتا رحمه الله عن ذلك.

من هو عبدالحميد شتا؟

سل السيد جوجل وستعرف فورا ! هل بإمكانك أن تصبح ضابط شرطة؟ كلية الشرطة مفتوحة لأبناء الضباط، أما بقية الشعب فتفتح لهم الزنازين.

إذا حصل ابنك على أعلى مجموع في أي كلية من الكليات، الطب أو الهندسة أو الصيدلة …الخ، لن يحصل على حقه في التعيين في هيئة التدريس، فالأماكن محجوزة لابن العميد، وابن بنت اخت رئيس الجامعة، و بان (بارم ديله) !

هل تساءلت لماذا سافر الدكتور مجدي يعقوب إلى الخارج؟

لأنه تعرض لاضطهاد وتمييز على أساس طائفي … إنها الحقيقة !

هذه الدولة مشروع ممتد منذ عشرات السنين في مصر، وكونت شبكة علاقات ومصالح يصعب تفكيكها، وهذه الشبكات هي التي دعمت مبارك، وهي التي دعمت الدولة العميقة، وهي التي أسقطت مرسي، وهي التي أنجحت السيسي (بالتعاون مع كافة أجهزة الدولة طبعا).

عبد الفتاح السيسي ممثل دولة الأسياد والعبيد في قصر الرئاسة، وفشله محتم لأنه لن يتمكن من إرضاء هذا المشروع اقتصاديا، وإن كان سيرضيه أمنيا بالعصا والكرباج (مؤقتا).

أما المشروع الثاني، فيمكننا أن نختصره في أنه مشروع أن تتساوى الرؤوس!

إنه المشروع الذي يلغي الفوارق بين المصريين أيا كانت، ويصبح معيار التفاضل هو الكفاءة.

إنه المشروع الذي يلغي اختبار \”كشف الهيئة\” في كافة المناصب والوظائف الحكومية.هذا المشروع يعين المرحوم عبدالحميد شتا في الموقع الذي يستحقه قبل أن يقفز ليستقر في أعماق النيل …!هل أثرت فضولك عن عبدالحميد شتا؟ 

لن أخبرك من هو … اقرأ بنفسك لتعرف حقيقة مشروع دولة الأسياد والعبيد !مشروع (أن تتساوى الرؤوس) لا يستثني أحدا من المصريين من أي شيء، ولا يقصي مصريا من أي مكان أيا كانت ديانته، أو جنسه، أو لونه، أو عرقه، أو طبقته الاجتماعية.

من أكبر الأخطاء التي وقع فيها الإسلاميون أنهم ظنوا أنهم يملكون مشروعا ثالثا، أعني مشروع (تطبيق الشريعة)، بينما جوهر تطبيق الشريعة هو أن تتساوى الرؤوس!

لقد عارض المشركون محمدا صلى الله عليه وسلم في دعوته لأنه جاء لهم بدين جديد يهدم القواعد الطبقية الاجتماعية في جاهليتهم، فيساوي بين الرجل وعبده وأمته، ولا يحابي زعيما أو شيخ قبيلة أو ملك، فالكل سواسية أمام الله، والجميع متساوون، لا يتفاضلون إلا بالتقوى والعمل الصالح، ومقياس التفاضل في الدينا أمران … العلم، والعمل.

لو أننا بسطنا خطابنا للأمة المصرية العظيمة وأخبرناها بحقيقة جوهر مشروعنا الثوري، وأننا لا هدف لنا في هذه الدنيا سوى أن تتساوى الرؤوس، لتبعونا ولو خضنا بهم البحر.

ولكننا … للأسف … صدعناهم بالديمقراطية وحقوق الإنسان، وبنظريات سياسية معقدة، وبخلافات ما أنزل الله بها من سلطان، حتى نفر كثير من الناس منا.

اليوم … نحن أمام فرصة جديدة، فلنعد صياغة مشروعنا الثوري الفكري ببساطة .يا شباب ثورة يناير … انزلوا إلى الناس وقولوا لهم مشروعنا أن \”تتساوى الروس\”، وهو ضد دولة الأسياد والعبيد، دولة \”انت ما تعرفش أنا مين؟\”  دولة \”أنت ابن مين في مصر\”!

افعلوا ذلك لأن سقوط دولة الأسياد والعبيد قد اقترب، ولا بد أن يكون مشروعنا جاهزا لاستلام الحكم.

عاشت مصر للمصريين وبالمصريين …

للتعليق على المقال على موقع عربي 21 

المقال السابق

بيان القاهرة ... ومخبرون

المقال التالي

خطبة النصر الكاذب ... ورَدُّ الشعب

منشورات ذات صلة
Total
0
Share