مبارك الرحيم وحماس الإرهابية!

المقالة منشورة بجريدة اليوم السابع 30-4-2013


جاءت مأمورية من أمن الدولة إلى القسم، وطلبوا منى أن أذهب معهم بقوة كبيرة مسلحة إلى منزل أحد الأشخاص، فذهبت معهم إلى العنوان المطلوب وألقيت القبض على شاب فى العقد الثالث من عمره. الشاب ملتح، لم يقاوم اعتقاله بأى شكل من الأشكال، ولم يرتبك أو يفاجأ حين دخلنا عليه، بل تعامل مع الأمر وكأنه كان ينتظر دخولنا عليه. بعد إلقاء القبض عليه أمرت القوات بالتوجه للقسم، ولكن أمرنى ضابط أمن الدولة أن أتوجه إلى الصحراء، ونفذت أمره.


دخلنا إلى عمق الصحراء، وأحضر الشاب المعتقل، وتبين من الحوار الذى دار بينه وبين ضابط أمن ال
دولة أنه سائق لأحد قيادات الجماعة الإسلامية، وكان واضحا أنه لم يرتكب أى جريمة.
ضابط أمن الدولة قال للشاب «اتشاهد»، فما كان من الشاب إلا أن قال له «أنا عارف إنكم حاتقتلونى… أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله».


يكمل اللواء المتقاعد القصة لمولانا قائلا: «وقتلوه أمامى بدم بارد، وأخذوا الجثة معهم»!
بعد أن قتلوه، سأل المأمور ضابط أمن الدولة: «هو الراجل ده عمل إيه»؟
فقال ضابط أمن الدولة بكل بساطة: «ما عملش حاجة، بس إحنا كنا محتاجين جثة نقفل بيها قضية تانية»! بعد أن انتهى الرجل من حكاية قصته، بكى، ثم قال لمولانا: «هل علىَّ ذنب؟».
قال مولانا: «استغفر ربك.. أنت شريك فى جريمة القتل تلك»! قال: «أنا عبد المأمور»

قال مولانا: «لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، أتقتل لإرضاء بشر؟» قال اللواء: «لقد كانت حوادث تتكرر معنا كل يوم، ولست الوحيد الذى ارتكب هذه الأشياء، لقد قتلوا مئات من الناس ودفنوهم فى الصحراء، بدون أن يقاوموا، وبدون أن يرتكبوا أى شىء.. يا شيخ قل لى.. هل أنا فى النار؟». قال مولانا: «الله وحده يعلم أهل الجنة والنار، ولكنك قد أجرمت جرما عظيما».
انصرف الرجل، ثم بكى مولانا!

خلاصة القصة، كل أحداث القتل تلك كانت تحدث بشكل ممنهج فى عهد مبارك، واستمرت إلى آخر أيام حكمه، لذلك لا تستغربوا أن يطلق الجنود النار على المتظاهرين، فقد فعلوها من قبل كثيرا. مصر ليست بحاجة إلى قتلة من حماس لكى نفسر القتل الذى حدث فى ميادين الثورة، القتلة من جهاز الشرطة يعيشون بيننا منذ عشرات السنين، قتلوا، ويقتلون، وسيقتلون، دون أن يهتز لهم جفن، والمصريون لهم بالمرصاد. أما حديث المقلاع فهو أتفه من أن يرد عليه، ولكنى سوف أفسره فى مقالة أخرى قريبا!

المقال السابق

عِبَرٌ من جامعة النيل

المقال التالي

شَيَّلْنِى واشَيِّلَكْ!

منشورات ذات صلة
Total
0
Share