قبل إطلاق الرصاص …!

(المقالة منشورة في جريدة الدستور اليوم الجمعة 23 إبريل 2010  )


يقترح بعض النواب المحترمين في مجلس الشعب أن تطلق الشرطة (المصرية) على المتظاهرين(المصريين) الرصاص، وأيا كانت أسباب هذا الاقتراح أو التحريض (سمه ما شئت)، أقترح أن يتم التأكد من عدة أشياء مهمه، قبل أن تصدر الأوامر بالضرب في المليان ، لكي يضمن الآمر والمحرض تحقيق غايته !


ليس ذلك حرصا على تحقيق غاياتهم بقدر ما هو حرص على دماء المصريين ، وعلى كرامة وطهارة مؤسسات الدولة المصرية ، التي نملكها جميعا .


أولا: أن يتأكد من يصدر الأوامر أو يحرض عليها أن الجنود البسطاء وصغار الضباط على استعداد لممارسة القتل بهذا الشكل السافر العلني العدائي الهمجي . 

فقد تواترت الأخبار لدينا أن كثيرا من أبنائنا وإخواننا في جهاز الشرطه باتوا يتعاطفون مع إخوانهم الذين يتظاهرون من أجل لقمة العيش، أو من أجل ترشيح شخص محترم كالدكتور محمد البرادعي، أو من أجل أي مطالب سياسية عادلة كإلغاء الطوارئ والانتخابات النزيهة، لذلك أنصح من يريد إطلاق الرصاص أن يتأكد أن هؤلاء الضباط ومن تحت إمرتهم من الجنود سوف ينفذون هذه الأوامر ، ولن يستديروا ليبصقوا على من أصدر أو حرض على إصدار هذا الأمر …!

وأنصح هنا بمراجعة تاريخ الشرطة المصرية في عدم تنفيذ مثل هذا الأمر ، كما حدث في يناير 77 …!

ثانيا: أن يتأكد من يصدر الأوامر بإطلاق الرصاص، أن هؤلاء المتظاهرين ليس له فيهم قريب أو حبيب .


وأنا هنا أحب أن أنبه السادة المحرضين أن حركات التغيير أصبحت الآن تضم نوعيات من المصريين لم يعملوا بالسياسة من قبل، ولا أخفي سرا حين أقول إن بعض أعضاء حركات التغيير اليوم تضم أبناء عائلات لا يمكن أن يتخيل أحد أن فيها معارضا … ! 

وهذه الظاهرة -بفضل فساد النظام الحالي – تزداد يوما بعد يوم، لذلك أنصح من يطلب من الشرطة أن تطلق الرصاص أن يتأكد أنه لن يكون سببا في قتل أحد أبنائه أو أعزائه (حقيقة لا مجازا !!!)


ثالثا: أنصح من يحرض على إطلاق الرصاص على المتظاهرين أن يتأكد أن هذا الأمر سوف يخيف المتظاهرين فعلا، وأنه لن يتسبب في اشتعال مظاهرات أكبر، ولن يكون شرارة لاشتعال حريق ضخم يأكل الأخضر واليابس ، ذلك أن غالبية الثورات والتغييرات الكبرى في شتى بقاع الأرض ، يبدأ فصلها الأخير حين تطلق أول رصاصة من الشرطة …!


لذلك قد يكون هذا التحريض الغشيم نوعا من استعجال النهاية ، بدلا من أن يكون بداية جديدة لعهد من الانضباط …!


رابعا: نصيحتي الأخيرة لكل من يفكر في إطلاق الرصاص ، نصيحتي المخلصة أيها النائب المحترم قبل أن تحرض على إطلاق الرصاص ، أن تتأكد -بأي وسيلة تقدر عليها – أن الأوضاع الحالية ستستمر، وأنك في مأمن من عواقب هذا الفعل، وأنك لن تجد نفسك ضحية لتصاريف الزمان، فترى نفسك كبش فداء في أمر لا ناقة لك فيه ولا جمل، بينما المسؤول الحقيقي (الذي كنت تنافقه) طار بطائرته الخاصة إلى سويسرا !


بعض الناس لا يعرف أن الأيام دول ، وأن علامات نهاية عصر قد لاحت ، وأن وضع البيض في سلة واحدة حماقة !

وليس ذلك بغريب على سياسيين لا علاقة لهم بالسياسة ، ونواب لا علاقة لهم بالشعب !


عبدالرحمن يوسف
[email protected]

المقال السابق

من يدعي الألوهية..!

المقال التالي
Article featured image

الشاعر عبدالرحمن يوسف بمركز الإبداع بالإسكندرية الأربعاء 28/4/2010

منشورات ذات صلة
Total
0
Share