عندك ( كرامة ) …؟

حواري مع بائعي الصحف طويل ، يمتد مع بعضهم لسنوات ، بعض بائعي الصحف أعرفه منذ ما يقرب من عقدين !   

لذلك نشأ حوار إنساني مع الزمن ، و قد عمقه رؤيتهم لصوري و قراءتهم لأشعاري و مقالاتي من آنٍ لآخر في شتى الصحف .  شراء الصحف له طعم لذيذ ، لا يعرفه إلا من يتقن و يدمن قراءة الجرائد ، و هو أمر يحتاج دربة و صبرا ، و لكن شراء جريدة \”الكرامة\” … لهو قمة اللذة …!دائما يبدأ الحوار :-   عندك كرامة …؟-   لا يا أستاذ …!

–   إذن … فأنت عديم الكرامة … ! سامحني … أنت الذي قلت …!
البعض يجيب ساعتها متلعثما أمام المقلب :-   لا أحد يملك كرامة في هذا البلد …!
و البعض الآخر يجيب بما يشبه جملة :-   لا تنكأ جراحنا يا أستاذ …!

و البعض يجيب بما لا يخفى على فطنة القارئ مما يتعذر كتابته و نشره !و أنا في كل الأحوال أضحك … ثم آخذ الجريدة (إذا كانت موجودة) … و أنصرف .

جريدة \”الكرامة\” … يا له من اسم …!\”الكرامة\” … اسم لمشروع وطني متكامل ، هو حزب سياسي ممنوع مقموع ، ولذلك تحول إلى حركة في الشارع المصري ، شعارها القومية العربية ، و نبراسها العدالة الاجتماعية ، و مشعلها العمل الوطني السياسي و الثقافي في مختلف الأصعدة …

أعتبر نفسي عضوا في هذا (الحزب/الحركة) ، و كذلك (حركة/حزب) الوسط المصري ، برغم استقلالي ككاتب ، إلا إنني متحيز لهذين المشروعين بحكم العواطف على الأقل …!  جريدة \”الكرامة\” … منبر الحرية …!و معظم العاملين فيها أصدقاء أعزاء ، و إخوة أفاضل …يكتب فيها و يشارك في تحريرها من أراهم في مقام الأستاذ ، و كذلك بعض الشباب ممن قد يجوز أن أعتبره من تلاميذي .
  
\”الكرامة\” … جريدة على كف عفريت …!
مشاكله التمويلية – فيما أعلم – ضخمة ، و خطها التحريري الملتزم يسبب كثيرا من الضغوط و الأزمات ، و من المدهش أن تستمر بهذا السقف المرتفع من الطرح للشأن العام ، و هذا السقف المنخفض للتمويل …!  

أنا شخصيا … لا أستطيع أن أفوت عددا للكرامة ، و ليس لأنها تحتفي بي حين أنشر من خلالها شاعرا أو ناثرا ، بل لأنني أستمتع بقراءة الجريدة ، في كل عصورها ، منذ بدأت ، و كذلك حين كان في رئاسة تحريرها الصديق العزيز د/عبدالحليم قنديل ، والآن … بعد أن تولاها الصديق العزيز  د/ عزازي علي عزازي .  

لذلك ما زلت أحاور بائعي الصحف كل أسبوع :-   عندك كرامة …؟و حين أجاب علي بائع ذكي كان ينتظر السؤال منذ أسبوع قائلا :-ما عنديش كرامة … إنت بقى … عندك كرامة …؟ضحكت حينها و أجبته :-   مش مهم … المهم أنني حين أجد \”الكرامة\” أشتريها … أما أنت فحين تملكها … تبيعها بزوج من الجنيهات …!

بقي أن تعرف قارئي العزيز أفضل إجابة سمعتها على سؤال : (عندك \”كرامة\” …؟)كانت إجابة بائع صحف شاب نابه ، و قد رنت في أذني كجرس طابور الصباح :-   يا أستاذ … أنا لا أشعر بالكرامة … 
إلا حين أقرأ \”الكرامة\” …!أدام الله علينا نعمة … الكرامة !

عبدالرحمن يوسف
القاهرة   22/6/2009

المقال السابق
Article featured image

الشاعر بنقابة الصحفيين في ذكرى رحيل الدكتور عبدالوهاب المسيري الأحد 12/7/2009 م

المقال التالي

( أبو اللطف ) ... و حركة حماس ...!

منشورات ذات صلة
Total
0
Share