رسالة لأبناء المخلوع

أعزائي اللصوص أبناء اللص القاتل المخلوع حسني مبارك لا رحمه الله..

لا سلام عليكم، ولا رحمة ولا بركات..

أما بعد..

فلماذا تحاولون إثبات براءتكم من سرقة المال العام؟

صدقني يا “جيمي”.. إثبات براءتك – أنت وذويك – من السرقة أولا مستحيل، ثانيا ليس من مصلحتك !

أما كونه أمرا مستحيلا، فلأن أحكاما نهائية باتة قد صدرت بالفعل، أثبتت أن أسرتكم قد سرقت سرقات مخجلة.. أحكاما تتضمن إساءة استغلال الوظيفة، والاستيلاء على المال العام، وتسهيل الاستيلاء على المال العام للآخرين، وتبديد المال العام..

هل نسيت أمك؟

أمك لم تحصل على براءة من التهم المشينة التي وجهت لها بشأن تضخم ثروتها بطرق غير مشروعة.. بل أفرج عنها بصفقة مشبوهة مع المجلس العسكري، على طريقة (أنا لو وقعت مش حاقع لوحدي)، وطبقا لهذه الصفقة تنازلت للدولة عن ثروتها العقارية، والأموال الموجودة في حساباتها (في مصر فقط) والتي بلغت أكثر من 24 مليون جنيها.

أمك.. لم تقدم أي مستند يثبت مصدرا مشروعا لهذه الأموال !

وغير ذلك كثير، قضايا هدايا مؤسسة الأهرام، وقضايا تصالح منير ثابت الأخ غير الشقيق لأمكم “الفاضلة”، وقضايا مجدي راسخ والد زوجة الأخ “علاء”.. كل هذه القضايا لم يصدر فيها حكم واحد بالبراءة.. كلها قضايا انتهت (بالتصالح).. أي برد أموال لخزينة الدولة لإغلاق ملفات السرقة !

ألا تستحي يا رجل؟

لقد قَبِلَ أبوك أن يبني مقبرة حفيده المرحوم بمال حرام.. هل رأيت لصا بهذه الدناءة؟؟

كان لدى أسرتكم مليارات، ودفعتم تكاليف مدفن الصبي من مال الرئاسة دون أن يهتز لأحدكم جفن.. لقد أصبحت السرقة فيكم سجية، ترتكبونها دون أي شعور بالإثم !

هذا من حيث الأمر مستحيلا، أما كونه في غير مصلحتك.. فذلك أن رسالتك التي أرسلتها باللغة الإنجليزية موجهة لجهات لا يهمها أبدا طهارة يدك، بل العكس بالعكس.. يهمها أن تكون شخصا حقيرا لصا عميلا، تماما كما عهدناك وعهدوك.

لا بد أن تكون لصا قاتلا ليثقوا فيك، لذلك من الأفضل أن تتحدث بخطاب من نوع آخر.. ويا حبذا لو كان بالعبرية لا الانجليزية..

أنت الآن تريد أن تطرح اسمك كمرشح لاستعادة توكيل العمالة والخيانة، تريد أن تثبت أن الكنز الاستراتيجي الذي رحل لم يمت، وأنه خلّف كنزا استراتيجيا لا يقل عنه دناءة..

إن ما تعدهم به أمر يستحيل أن يقوم به شخص شريف.. فلماذا تدّعي الشرف؟ هل تتخيل أنك ستصل إلى الكرسي بانتخابات؟ إن الأمل الوحيد لوصول شخص مثلك للحكم هو الطرق الدائرية التي يرعاها من اعتبروا أباه كنزا استراتيجيا، فلماذا ترهق نفسك بادعاء الشرف؟

هل نسيت الأسطورة الشعبية التي كانت تقول (جمال يصلح رئيسا لأنه “شبعان” من السرقة وليس “طمعان” في مزيد من المليارات)؟

أي أن مؤهلك الوحيد للتوريث في زمن أبيك أنك “حرامي” بما يكفي !

أرجوك.. إياك أن تدعي أنك لم تكن تعرف أن الملايين يقولون عنك ذلك.. هذه الأقوال امتلأت بها تقارير المخابرات التي كانت ترفع لوالدك (وكنت تقرأها أنت حين كنت تحكم مصر بالنيابة عنه).

الفيديو الذي سجلته مضحك، فكل القضايا التي أغلقت ضدك في محاكم العالم حُفظت لأن اللصوص الذين تولوا حكم البلاد بعد خلع أبيك فعلوا كل شيء لتحصل أنت والأسرة على البراءة المزعومة..

لعشر سنوات ملّت البنوك الغربية من تجاهل السلطات التي تدير البلاد لخطاباتها ومطالباتها وعدم التعاون معها في ملف الأموال التي نهبتها عائلتكم “الشريفة”..

منذ أسابيع أذيع خبر الإفراج عن 400 مليون فرنك سويسري باسمكم كانت مجمدة في البنوك السويسرية، وحين تقرأ الخبر (يا “جيمي”) ستجد حيثيات القرار – والذي نشرته كل وكالات أنباء العالم – أن الادعاء السويسري يقول إن المعلومات الواردة من السلطات المصرية لم تكن كافية لإدانتك وإدانة أبيك !

طبعا لن يسألك أحد عن مصدر الـ400 مليون فرانك، إنها مجرد “فكة” بالنسبة لك، لن يسألك أحد متى دخلت هذه الأموال حسابات العائلة الشريفة؟ ومن أين؟

لأنه ببساطة المسؤول الذي يفترض أن يسائلك.. لديه حساب في نفس البنك، أو في بنك آخر في الجوار، لذلك حين يتواطأ معك ويحميك، هو في الحقيقة يحمي نفسه، لكي لا يكون هناك “سابقة” استرداد لأموال هربت إلى الخارج، وهو ما يفتح الباب لملاحقة آلاف الفاسدين.

لذلك.. كنت مصيبا حين قلت: (برأتنا الإجراءات)، اختيار دقيق للألفاظ، غالبا هذا ما كتبه محاموك، وغالبا لم تنتبه أنت للوصمة التي وصمت بها نفسك وعائلتك حين اعترفت بأنها مسألة إجراءات، أنت لم تحصل على براءة من السرقة، بل أفلتّ من العقاب لخلل ما في “زنبرك” ماكينة الإجراءات القضائية.

عزيزي اللص ابن اللص.. إذا كانت الإجراءات – بنص تعبيرك – برأت أسرتكم من نهب أموال الشعب.. فإياك أن تعتقد أننا نتهمكم بسرقة نصف مليار دولار فقط.. نحن نتهمكم بسرقة عشرات المليارات من الدولارات، وبسرقة أمننا القومي، وبسرقة حياة شهداء قتلوا برصاص بلطجية أمنكم.. وبسرقة أعمار آلاف المعتقلين.. والأهم من كل ذلك أننا نتهمكم بسرقة ثلاثين عاما من عمر الشعب المصري.. سرقتم التاريخ والمستقبل والصحة والتعليم والثقافة ومؤسسات الدولة.. وتركتم لنا خرابة لا يمكن أن يعيش فيها إلا فاسد، ولا يمكن أن يترقى فيها إلا نذل، ولا يمكن أن ينجح فيها شخص محترم دون أن يتلوث بعفنكم..

عزيزي اللص ابن اللص.. لو لم تكونوا لصوصا لما خرجتم من السجن، لو أنكم شرفاء لقتلوكم في زنازينكم، أو على الهواء مباشرة كما حدث مع الشرفاء، أو على الأقل لظللتم في السجن إلى اليوم.. ولولا أنكم خونة.. لما أقيمت لكم الجنائز العسكرية.. نحن مصريون.. ونعرف “سلو بلدنا” جيدا.

ظهورك يا “جيمي” أثار لديّ شجونا، تتمتع بصحة رائعة، وقوام ممشوق.. “وشك منور” كما يقولون.. ترى لو أن أحدا من آل البلتاجي أو شخصا كعلاء عبدالفتاح أو عصام سلطان أو زياد العليمي.. لو أن أي شاب من شباب الثورة المعتقلين ظهر في فيديو الآن كيف سيكون شكله؟

يبدو هذا طموحا كبيرا، مجرد ظهور أحدهم يمثل حلما.. فنحن منذ سنوات طوال نتمنى أن يظهر مصطفي النجار.. حتى لو جلدا على عظم !

أما قولك: “سترقد يا أبي في سلام”.. فقد أضحكني رغم أوجاع كثيرة، ولكن أحب أن تطمئن.. لن يحصل أبوك المجرم على هذا السلام لمجرد حصوله على براءة إجرائية بتواطؤ زملاءه الخونة الذين اغتصبوا عرش مصر.. الأمر مختلف في الدار الآخرة.. إنها حقوق العباد.. حقوق الملايين الذين جوعهم في مصر، وحاصرهم في غزة، وقتلهم في العراق.. الخ

لن يحصل أبوك على هذا السلام ما دام أبناء وأحفاد ضحايا عباراته وقطاراته وسرطاناته وفساده وفقره أحياء شهودا على جرائمه..

لن يحصل على هذا السلام بتمثيليات رخيصة يقوم بها أخوك اللص “علاء”، تمسحه بالدين، وادعاءه الوطنية، ظنا منه أن سيحصل على شعبية تغسل الأموال الحرام التي جمعها بالإكراه واستغلال النفوذ.

شكرا لك على ظهورك يا “جيمي”.. فكما للثورة “أيقونات” إيجابية.. لها أيضا “أيقونات” سلبية، هؤلاء الذين قامت ضدهم الثورة جزء من روحها.. شاءوا أو أبوا.

ظهورك في المشهد، يعيد لكثيرين شغف نضال قديم..

أما بالنسبة لي فقد أنعش ذاكرتي بما قلته لك ولأبيك زمان جاهه وسلطانه وبطشه بالكبير والصغير:

“ابْنٌ وأبّْ

ذَنْبٌ وذَنْبْ..

لا تَسْألُوا عَنِ السَّبَـــــبْ..

هَذا قَضَاءٌ وقَــــدَرْ..

قَضَى مِنَ الأرْضِ  الوَطَـــرْ..

بِهِ اليَقِينُ قَدْ وَجَـــبْ..

ولا  تَسَلْ عَنِ النـَّسَــــبْ.. !

*       *       *

ابْنٌ وأبّْ

غَرْبٌ وغَرْبْ..

مِنْ كُلِّ مَا يَدْعُو إلى

الشَّرْقِ انْسَحَـــبْ..

لَيْسَ يَهُمُّ  فِكْرَهُ أولادي..

إصْبَعُهُ دَوْمًا عَلى  الزِّنَــادِ..

رَصيدُهُ في البَنْـكِ في ازْدِيــادِ..

وفَوْقَ ظَهْري قَدْ وَثـَــبْ..

وذاتَ يَوْمٍ سَوْفَ يَصْلَى  مِنْهُ

سُوءَ المُنْقَلَــبْ.. !

*       *       *

ابْنٌ وأبّْ

رَبٌ ورَبْ.. !!!

وذاكَ دَيْـدَنٌ لِقَادَةِ العَـرَبْ..

يَضْربُنَا على القَفَـــا..

وإنْ أتَى عَدُوُّ أرْضِنَا اخْتَفَـــى..

وبالعَمِيلِ في قُصُورِهِ احْتَفَـــى..

ومَا عَلَيْهِ مِنْ عَتَــبْ..

مَهْما بَدَا مُسْتَنْكِرًا وإنْ شَجَــبْ..

*       *       *

ابْنٌ وأبّْ

كَلبٌ وكَلبْ.. !

قَانُونُهُ: دَمٌ يَسِيلُ للرُّكَبْ..

مَعْ أنهُ قَدْ شَاخْ

يُريدُ أنْ يُوَرِّثَ الأوْسَاخْ

ولا عَجَبْ..

جَاءَ الذّهَبْ..

والابْنُ فَازَ باللقَبْ..

واللهُ عنْهُ قَدْ كَتَبْ..

“تَبـَّتْ يَدَا أبي لَهَبْ” !

للتعليق على المقال

المقال السابق
Video featured image

رسالة من عربي إلى مواطن غربي

المقال التالي

شيرين أبو عاقلة وآل سعود

منشورات ذات صلة
Total
0
Share