دستور جديد … والأمر الواقع

المقال منشور بموقع مصر العربية بتاريخ 15-1-2014 م

اخضعوا للأمر الواقع، بالتراضي أو بالسلاح، بالجزرة أو بالعصا !  هذه رسالة نظام الانقلاب لكل من يعارضه، والحقيقة أن الأمر الواقع يتكون من قسمين، إنه أمر واقع مُرَكَّبٌ مُعَقَّدٌ، وجزء من تركيبه وتعقيده أن هناك ملايين الرافضين لكل ما يجري، وأن هناك ملايين المقاومين للمسار من أساسه.   الأمر الواقع ليس معناه أن بعض المصريين قد صوتوا على الدستور، بل الأمر الواقع لا يكتمل إلا بأن تعترف بأن هناك ملايين المصريين قد قاطعوا الدستور.
 
المقاطعون فخورون بما يفعلون، وكيف لا يفخرون وهم يقاطعون دستورا روَّج له أحمد فتحي سرور، ومفيد شهاب!  كيف لا يفخر المقاطعون وهم يفضحون دستورا يصوِّت عليه حسني مبارك شخصيا !  كيف لا يفخرون وهم يقاطعون دستورا حبس مئات ممن دعوا للتصويت عليه بلا، واعتقل المئات ممن روّجوا لمقاطعته.استفتاء بلا ضمانات، وإذا رفضت فأنت خائن، أو خلية نائمة، اصمت، لا تتكلم، لا تعترض، سنرتكب كافة الموبقات كرها في الإخوان.
 


إنه يوم من أيام الحزب الوطني، يوم بيوم الجمل، أو هكذا يظنون، وبئس الظن.  إن كل من يرى التزوير اليوم ويسكت قد فقد آخر ذرة من ذرات وطنيته، ولكن لا غرابة، فتبرير التزوير لن يكون أسوأ من تبرير الدم.  الأمر الواقع يقول إن مصر أصبحت بلدا فاشلا، يتراجع، لا يستطيع أن يعيش دون كفيل خليجي، والسبب أننا نضع في القيادة من لا يصلح، فهم أضعف الناس علميا، ولا يحاسبهم أحد، ويريدون استمرار الأمر بهذا الشكل، أي دون حساب أو عقاب، وهذه هي فلسفة دستورهم المزعوم، لا غالب إلا السيف!  الأمر الواقع يقول إن استمرار ما يحدث مستحيل، وهذا الوهم سينهار على أدمغتنا جميعا، والسلطة التي بدأت عهدها بمذبحة كمذبحة المماليك، تعيش في عصر آخر، لا يصلح فيه أن تسير الأمور كما كانت تسير في عهد الخيل والبغال والحمير.
 
هل سيخضع الشارع للأمر الواقع؟
 
ربما…ولكن ما سيحدث على وجه اليقين أن أي خضوع سيكون مقدمة لموجة ثورية جديدة، كاسحة، وكل من شارك في هذه المرحلة ولو حتى بالسكوت سيدفع الثمن غاليا جدا.  على كل معارضي الانقلاب اليوم البدء برسم مسار جديد، لأن من كتب الدستور سيشنق نفسه به، ولن يتستطيع أن يلتزم بما فيه، تماما كما كان مبارك يعلن الطوارئ ولكنه لا يستطيع أن يلتزم بقانون الطوارئ، إنهم قوم لا يمكن أن يلتزموا بقانون.  مسار معارضة الانقلاب سيحدده الشارع، وسيقوده الشباب، وسيدفع به إلى الأمام الطلاب، وسيدعمه الشعب.
 
فشل النظام الحاكم لن يستغرق كثيرا من الوقت، وهذا من نافلة القول، وصبر المانحين والداعمين لن يستمر إلى الأبد.  طائرات الهرب مجهزة منذ شهور على مدرج المطار، والتخلص من رموز المحرقة، ومن قادة المجازر سيبدأ قريبا، وسيأكل النظام بعضه عما قريب، والأيام بيننا.  من يظن أن دولة جديدة سوف تبنى على جثث المصريين عليه أن يتمهل قليلا، ومن يظن أن الجيل الجديد من المصريين سيرضى بالعبودية مرة أخرى عليه أن يتأكد من سلامة قواه العقلية.
 
الذين يظنون أنهم قد بدؤوا صفحة جديدة من الاستقرار ستأتيهم أخبار مفجعة خلال أيام أو أسابيع أوشهور، أما الواثقون الباذلون الدم فهم على بركة الله سائرون إلى النصر.  هينئا لكم دستوركم، وهنيئا لنا مقاطعتنا، وسنحتفل قريبا بانتصار ثورتنا.  عاشت مصر للمصريين وبالمصريين …

للتعليق على المقال عبر موقع مصر العربية 

المقال السابق

في ذكرى وثيقة الأزهر لنبذ العنف

المقال التالي

دستور شايب وعايب...!

منشورات ذات صلة
Total
0
Share