بيان لمن يهمه الأمر 26-11-2011 م

Website logo

أحب أن أوضح في البداية أن الكتابة بالنسبة للكاتب لا تمثل “مهنة” يرتزق منها، وإنما موقف يعيش له وبه ، وأنني أمارس الكتابة الفنية والفكرية لا لأحيا ولكن لأنهما بالنسبة لي الحياة ذاتها . أقول ذلك وأنا أتعرض للمرة الأولى بعد الثورة المصرية العظيمة – وإن لم تكن الأولى في حياتي بطبيعة الحال – لحظر نشر مقالتي الأسبوعية في جريدة الأهرام ، وهي المقالة التي تناولت موقفي من إطلاق قنابل الغاز على ثوار التحرير الذين خرجوا في مظاهرات سلمية مشروعة للدفاع عن ثورتهم التي تكاد تضيع من بين أيديهم . لقد صغت أفكاري بشكل واضح دون مواربة أو حيل بلاغية لا تحتملها دقة الموقف العصيب الذي يمر به وطننا العزيز، وهو ما رأى معه القائمون على أمر النشر في جريدة الأهرام أنه يستحق المنع وعدم الوصول إلى الناس، ولا أعرف على وجه الدقة هل كانت هذه رؤية فوقية فرضت فرضا على الأهرام، أم أن هناك من هو ملكي أكثر من الملك ومشيري أكثر من المشير فقضى بحرماني من حقي الشرعي في الكتابة والتعبير .  أعتذر لقاريء الأهرام العزيز لأنني لن أستطيع مواصلة الكتابة في هذا المناخ القمعي ، وأقول بصدق أنني لست نادما على الكتابة للأهرام التي تمثل بالنسبة لي ولكل قارئ مصري أحد أهم المؤسسات الصحفية العريقة في تاريخنا الإعلامي . لقد سعدت حين عرضت على فكرة الكتابة في الأهرام بعد ثورة 25 يناير في خطوة مهمة من قياداتها بعد الثورة لتجاوز حاجز القمع الذي كان مفروضا في عهد المخلوع على الكثير من الأقلام المعارضة . هذه السعادة التي ضنّ القائمون على الأمر في مصر – أو في الأهرام – علي بها، والتي لم يتحملوا أن يدفعوا جزءا يسيرا من فاتورتها في المرحلة الأولى من عمر التجربة .. فكيف بالمراحل اللاحقة؟ وإذا كان وطننا العظيم يعيش الآن لحظة مفصلية في تاريخه الحديث، وموجة ثانية من ثورته التي بهرت الدنيا، في مطالبتها الحضارية الواعية بالحق في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية، فإنني أرى أن الخطر الاكبر الذي يحيط بهذه الثورة ربما أكثر من محاولات سرقتها والالتفاف عليها، هو خطر تكميم الأفواه والحرمان القمعي من الحق في التعبير، وهو الخطر الذي تجاوز في 9 شهور ما أنجزه المخلوع في 30 عاما، وامتد ليشمل كتاب الرأي بمقالاتهم حينا وجرائدهم حينا وشخوصهم أحيانا أخرى ! أكرر شكري للأهرام ولقارئها العزيز،  وأتمنى لمصرنا الحبيبة مستقبلا حرا كريما  عاشت مصر للمصريين وبالمصريين عبد الرحمن يوسف السبت 1 من المحرم 1433 هـ 26 من نوفمبر “تشرين ثان” 2011 م

المقال السابق

عبدالرحمن يوسف ضيف دينا عبدالرحمن بقناة التحرير للتعليق على حظر نشر مقالاته بالأهرام .

المقال التالي
Video featured image

عبدالرحمن يوسف يعلق على منع مقالاته بالأهرام

منشورات ذات صلة
Total
0
Share