بالتليفون

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 2-5-2012 م 

من أهم سمات عصر الرئيس المخلوع مبارك أنه كان يتعامل مع مصر على أنها «سنترال»، فترى المانشيتات الرئيسية فى الصحف تتحدث دائما عن اتصالات السيد الرئيس بالرؤساء العرب وبقادة العالم. 

اليوم يتحدث بعض مرشحى الرئاسة عن قدراتهم الخارقة بنفس منطق الرئيس المخلوع، فهذا يستطيع أن يكلم أى رئيس فى العالم لكى يمد مصر بالمال، والآخر يتحدث عن أنه قد أدخل لمصر ملايين الدولارات باتصالاته، وتستمر المهزلة التى تحاول بيع الوهم للناخب المصرى، ولا أظن الناخب يرى فى ذلك إلا مزيدا من الإساءة لمصر ولمنصب رئيس الجمهورية. 


إن هذه «الاتصالات» التى يصدعنا بها البعض إنما يجرونها لأنهم مسؤولون فى الدولة المصرية، ولا أستطيع سوى أن أذكر الجميع بالحديث النبوى الشريف «هلا جلست فى بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك»، فالأمر هنا سواء، فلولا أنهم مسؤولون فى الدولة المصرية لما رد أحد على اتصالاتهم، ولما كان لها جدوى! 


الأمر الأهم فى هذا الموضوع أن البعض ما زال يفكر بمنطق الشحاذة المهين الذى كان يفكر به الرئيس المخلوع، فمن المعروف أن حسنى مبارك كان يتجول ويتسول من الدول العربية، ويبيع مواقف مصر الدولية «كما فعل فى حرب الخليج مثلا»، كل ذلك ليشحذ المعونات لكى يرأب بعض الصدع فى الميزانية المصرية، وكان بإمكانه أن يحكم حكما رشيدا يوقف نزيف السرقة والهدر، ولكنه فضل الحل السهل، وهو أن يريق ماء وجه الأمة المصرية عند الأغراب أو حتى عند بعض أبناء العمومة. 

من العار أن يفكر بعض مرشحى الرئاسة بهذا المنطق المهين، ومن العار أن يتفاخروا بهذا المنطق، وهو منطق إن دل على شىء فيدل على أن هذا النوع من المرشحين لا ينتمى إلا إلى الماضى، وأن هذا النوع من المرشحين بعيد كل البعد عن مصر الثورة، وبعيد كل البعد عن طموحات المصريين فى «العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية»، هذه الطموحات التى استشهد من أجلها مئات الشباب والشيوخ، وطارت من أجلها آلاف العيون. 

سيكون صندوق الانتخاب علامة فارقة فى إظهار الفارق بين المرشح المتسول، وبين المرشح الذى يريد أن يبنى دولة قوية لا تضطر للشحاذة، بل تفخر بالإنتاج، لكى لا يمن عليها بعض المتفذلكين باتصالاتهم المزعومة.

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

حزب الدستور

المقال التالي

وَهْم الجريمة الكاملة

منشورات ذات صلة
Total
0
Share