الكعكة الساخنة

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 2-2-2012 م 


كعكة الحكم سقطت فى يد المجلس العسكرى فى يوم 12 فبراير، وكانت كعكة ساخنة جدا، لا يمكن بلعها، وحين حاول ابتلاعها كادت تحرق فم المجلس العسكرى بنارها. خلال الأيام التالية «أى ما بعد 12 فبراير»، كان المطلوب أن تبرد الكعكة لكى يسهل التهامها بالكامل، خصوصا أن الممسكين بالكعكة «ثوار الميدان»، تركوها بالكامل للمجلس، وهو ما يوضح ويؤكد أنهم غير طامعين فى الحكم، ولا يريدون أن يلتهموا الكعكة أصلا. 

بذل المجلس كل جهده لكى يشتت الانتباه عن هذه الكعكة، لكى يتمكن من تبريدها، ومن ثم التهامها، ولكن وجود شباب الثورة فى الشارع، كان أشبه ما يكون بالفرن الذى يحافظ على سخونة الكعكة. 

لم يهتم أحد بتسخين الكعكة فى المرحلة الأولى، بعد ترك الميدان، لأن جميع الثوار كانوا يحسنون الظن بالمجلس العسكرى، والراغبون فى قضمة من الكعكة، لم يجدوا من الحكمة أن ينقضوا عليها، وهى فى يد العسكر، لذلك تركت الكعكة فى يد المجلس، ولم يكن يتخيل أحد أن يطمع المجلس فيها. 

حين بدأت العملية السياسية، وبعد الاستفتاء فى 19 مارس، بدأت الكعكة تبرد بالفعل، ولولا أن الثوار بدؤوا يشعرون بعملية التبريد – والتى هى تمهيد للالتهام – لكانت الكعكة قد أكلت، تماما كما أكلت من قبل فى عام 1954. 

بعد الاستفتاء بدأت التيارات السياسية بالتطاحن من أجل قضمة صغيرة من الكعكة، والمجلس العسكرى يعشم هذا، ويعشم ذاك، بينما هو يجهز لالتهام الكعكة كلها. 

حين ضرب المعتصمون من أهالى الشهداء فى يوم السبت 19 نوفمبر2011، كان السادة فى المجلس العسكرى يتأكدون من أن الكعكة جاهزة للالتهام، فما كان إلا أن وجدوا طوفانا من البشر فى يوم الثلاثاء 22 نوفمبر، ويوم الجمعة 25 نوفمبر، مما أدى إلى التعهد بتسليم السلطة فى 30 يونيو 2012، بعد أن كانت النوايا تتجه إلى مدها إلى أواخر 2013، لكى يمارس المزيد من التبريد الذى يمهد للالتهام. 

كل الذين يتهمون شباب الثورة بالتحريض، وبتعطيل الإنتاج، وغير ذلك من التهم التافهة، لا يدركون أن ما فعله هؤلاء الشباب، هو الذى سيؤدى إلى ترك المجلس العسكرى للسلطة، وإلى تحول مصر إلى دولة مدنية محترمة، بعد أن كانت دولة عسكرية فاشلة، لما يقرب من ستين سنة . 


بفضل هؤلاء الشباب، ستصبح مصر دولة، بعد أن كانت كعكة يلتهمها كل طامع فيها!

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق
الشاعر عبد الرحمن يوسف

حوار للشاعر بمجلة كلمتنا في عددها الصادر 1 فبراير 2012

المقال التالي

الحاكم الخفى

منشورات ذات صلة
Total
0
Share