قصيدة ( مُثَقَّفٌ كَبيرْ …! )

منشورة على موقع عربي 21 بتاريخ 5-7-2014 م

يَعِيشُ في بِلادِنَا مُثَقَّفٌ كَبيرْ …
يَرْفُلُ في الدِّمَقْسِ والحَريرْ …
يَبْرَعُ في الفُنُونِ كُلِّهَا 
تَرَاهُ رَاقِصًا
وعَازِفًا
وشَاعِرًا 
ونَاثِرًا 
وثَائِرًا
وعَالِمًا في الفِقْهِ والتَّفْسيرْ …!
يُعَارِضُ الطُّغْيَانَ في صَبَاحَهِ
وفي هَزِيعِ لَيْلِهِ الأخيرْ …
يَأْوِي مَعَ الطُّغَاةِ للسَّريرْ …!

*    *    *

يَعِيشُ في بُلْدَانِنَا مُثَقَّفٌ يَحْلُمُ بالمَنْصِبِ والمَرَاكِزْ …
يَلْعَنُ أَهْلَ الحُكْمِ 
يَهْجُو دَوْلَةَ العَجَائِزْ …
لَكِنَّهَا تَمْنَحُهُ الجَوَائِزْ …!
يَمْدَحُهَا إِنْ أَعْطَتِ الفُقَرَاءْ …
يَمْدَحُهَا إِنْ قَتَلَتْ أَحْلامَ الفُقَرَاءْ …
يَمْدَحُهَا إِنْ حَارَبَتْ أو سَالَمَتْ …
يَمْدَحُهَا إِنْ حَمَتِ الحُدُودْ …
أو خَانَتِ العُهُودْ …
ودَوْلَةُ الدَّيْجُورْ …
تَعْرِفُ مَا يَحْرِقُهُ الشَّاعِرُ مِنْ بُخُورْ …
في أَوَّلِ الشُّهُورْ …!

*    *    *

يَعِيشُ في بَلْدَتِنَا مُثَقَّفٌ سَمِينْ …
تَغَزَّلَتْ أَشْعَارُهُ في ضِحْكَةِ السَّجِينْ …
لَكِنَّهُ يُقَدِّسُ القُضْبَانْ …
ويَعْشَقُ السَّجَّانْ …
كَمْ سَجَنَتْ أَوْرَاقُهُ السِّرِّيَّةَ الرِّفَاقَ والخَلانْ …
المُخْبِرُ الجَبَانْ …
إذا رَأَيْتُ وَجْهَهُ يَنْفَجِرُ السُّؤَالُ في ذَاكِرَتي
ما الفَرْقُ بَيْنَ الزُّورِ والإِنْسَانْ؟
ما الفَرْقُ بَيْنَ الشِّعْرِ والبُهْتَانْ؟

*    *    *

يَعِيشُ في صَعِيدِنَا مُثَقَّفٌ هُمَامْ …
يَكْتُبُ للوِئَامِ والسَّلامْ …
ويَمْدَحُ الأَحْكَامَ بالإِعْدَامْ …!
يُبَرِّرُ السِّفَاحْ …
يَسِنُّ نَصْلَ السَّيْفِ للسَّفَّاحْ …
يَدْعُو لَهُ بالفَتْحِ والفَلاحْ …
جَمَعْتُ شِعْرَهُ في سَلَّةٍ
دَفَنْتُهَا في حُفْرَةٍ في الحَارَةْ …
غَطَّيْتُهَا بالقَارِ والقَذَارَةْ …
وبَعْدَ جُمْعَتَيْنِ أَنْبَتَتْ لَنَا
شُجَيْرَةَ الحَقَارَةْ …!

*    *    *

يا حَضْرَةَ المُثَقَّفِ الكبيرْ …
يا مُوغِلاً في الخِزْيِ والدِّمَاءْ …
تَاريخُكَ البَذِيءْ …
تَعْرِفُهُ المُلُوكُ والدَّهْمَاءْ …
يا رَجُلاً إِنْجَازُهُ مِنْ عَرَقِ النِّسَاءْ …!
يا رَجُلاً تَاريخُهُ شَحَّاذُ أُعْطِيَاتْ …
وسَلْ \”عَطِيَّاتْ\” …!
يا حَضْرَةَ المُثَقَّفِ الخَطِيرْ …
مَنْ أَنْتَ كَيْ تُحَاضِرَ الثُّوَّارْ؟
وأَنْتَ لَمْ تَزَلْ لِكُلِّ ظَالِمٍ ظَهْرَ حِمَارْ …!
يا شَاعِرًا يُدَنِّسُ البَيَانْ …
يا شاعِرًا \”سِيرَتُهُ\” مِنْ عَرَقِ النِّسْوَانْ …!
يا قَلَمًا يَكْتُبُ شِعْرًا بَارِدًا عَنْ خَالِقِ الأَكْوَانْ …
ويَكْتُبُ التَّقْريرَ عَنْ رِفَاقِهِ لِحَضْرَةِ السَّجَّانْ …
يا مُخْبِرًا في بَدْلَةِ الفَنَّانْ …

*    *    *

يا حَضْرَةَ الشُّوَيْعِرِ الخَطيْر …
الشَّاعِرُ المَمْنُوعْ …
دَوْمًا هُوَ المَسْمُوعْ …
وجيلُنَا مِنْ جيلِكُمْ وعُهْرِهِ مَفْجُوعْ …
وإِنَّهُ مُخْتَلِفٌ في الشَّكْلِ والمَوْضُوعْ …
وكُلَّمَا رَآكُمُو يُغَالِبُ البُصَاقَ والدُّمُوعْ …!
يا حَضْرَةَ الشُّوَيْعِرِ الصَّغِيرْ …
أَبْصَرْتُ فيكَ قُدْرَةَ القَدِيرْ …
شُكْرًا لِكُلِّ بَيْتِ شِعْرٍ تَافِهٍ حَقِيرْ …
عَرَفْتُ مِنْكَ الفَرْقَ بَيْنَ الشَّاعِرِ الضَّمِيرْ …
والشَّاعِرِ الخِنْزِيرْ …!!!

شعر : عبدالرحمن يوسف

تمت في القاهرة 1/7/2014

6.00     صـبـاحـــا

رابط المقال على موقع عربي 21 

المقال السابق

الثالث من يوليو ... يوم أسود

المقال التالي

بيان القاهرة وحركة الشارع بين فكرتين

Total
0
Share