الزعامة الروحية والسياسية للكنيسة

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 5-11-2012 م 


يلوم كثير من الكتاب والسياسيين الكنيسة لتدخلها فى السياسة، ويصفون دائما الراحل البابا شنودة، بأنه كان زعيما سياسيا بامتياز، ويرون أن الكنيسة الأرثوذكسية تحولت إلى زعامة سياسية للأقباط المصريين، ولم تعد مجرد قيادة روحية لهم. 


والحقيقة أن الكلام السابق صحيح، ولكنه يمثل نصف الحقيقة. النصف الآخر يقول إن الدولة المصرية بعد قيام ثورة يوليو 1952، بدأت بإقصاء المسيحيين من المناصب الحساسة كافة، وبدأت «دولة العسكر» بالنظر إلى إخوتنا الأقباط نظرة أقل من نظرتها للمسلمين. 


صحيح أن الاضطهاد كان لجميع المصريين، ولكن أضيف سبب آخر لاضطهاد الأقباط فوق مصريتهم، وهو كونهم أقباطا. هذه هى الحقيقة، ولا ينبغى التشكيك فيها، فالمصريون فى العهد الملكى انتخبوا مكرم عبيد، انتخبه المسلمون والمسيحيون، انتخبه الجميع بلا حساسية، وبلا تعصب. 

ولكن حين أتى لابسو الخوذات، زرعوا بذور الفتنة بإقصاء الأقباط. حينها، وفى هذا الجو.. ظهر البابا شنودة، وصار زعيما سياسيا، كما كان قائدا روحيا، الأحداث صنعته، إذ لا بد للكنيسة من أن تدافع عن نفسها. 


الذين يتحدثون عن البابا الجديد، ويتمنون أن يكون رجلا حكيما، وألا يكون زعيما سياسيا، وأن يصبح إخوتنا الأقباط جزءا من الحياة السياسية فى مصر، وأن ينصهر عنصرا الأمة دون أى حساسيات دينية.. كل هؤلاء حالمون، ولن يعود الأقباط إلى الانخراط فى الحياة السياسية، وستظل الكنيسة لها السلطة الروحية، ولها القيادة السياسية، طالما ظل الإقصاء المتعمد من الدولة. 


فى ثورة يناير.. انصهر الشباب مسلمين ومسيحيين فى الميدان، وتكونت أحزاب ضمت شبابا من الديانتين، ولكن ما حدث.. أن غالبية الشباب المسيحيين انسحبوا من سائر الأحزاب، وانضموا لأحزاب بعينها زكتها الكنيسة. ذكر لى بعض أصدقائى الأقباط أن الكنيسة مارست ضغوطا كبيرة على الشباب الذين رفضوا الخروج من هذه الأحزاب حتى خرجوا. 


أنا لا ألوم الكنيسة، بل ألوم الدولة المصرية التى بدأت بزرع الشقاق، وأدعو إلى شراكة حقيقية فى الوطن، تبدأ بها الدولة، قبل أن نطالب بها الكنيسة. 


لا يفوتنى أن أقول لنيافة البابا الجديد الأنبا تواضروس سِر على بركة الرب، وكن مفتاحا للخير مغلاقا للشر، واقترب منا نحن إخوتك فى الوطن، وإذا انتقدك أى أحد فى هذا التوجه، فتذكر ما جاء فى الكتاب المقدس: «ويل لكم إذا قال فيكم جميع الناس حسناً»، إنجيل لوقا أصحاح 6 عدد 26. عاشت مصر للمصريين وبالمصريين..

المقال السابق

حوار مع عبدالرحمن يوسف بملحق جريدة الأهرام 2-11-2012 م

المقال التالي

التحرش الثقافى

منشورات ذات صلة
Total
0
Share