الذين أكلوا البالوظة

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 17-10-2011 م 


كنت من الذين صوتوا فى الاستفتاء بـ«نعم»، صحيح أننى لم أدع الناس إلى التصويت بـ«نعم»، وذلك لاقتناعى بأن حالة الاستقطاب التى حدثت سوف تصعب على الناس أول اختبار ديمقراطى يمرون به. 

لم أكن مرتاحا لوضع البسطاء فى هذا الاختبار الصعب، إذا صوتَّ بنعم فمعنى ذلك أنك قد فرطت فى دماء الشهداء، وإذا صوتَّ بلا فمعنى ذلك أنك فى طريق الكفر تسير، لأنك ضد وجود المادة الثانية فى الدستور. 


كنت أحسن الظن فى السادة فى المجلس العسكرى، وكنت أعتقد أن وجود المستشار الأستاذ طارق البشرى على رأس لجنة التعديلات سيخرج لنا شيئا محترما، ولم يدر بذهنى أن يكون هذا الاستفتاء طريق الهاوية، واعتبرت الخلاف الحادث وقتها خلافا عابرا وسيمر. 


كنت أعتقد -وما زلت- أن أهم ما يمكن أن تحققه ثورة يناير أن تنهى بسلام عقودا من حكم العسكر، وعقودا من احتكار السادة ضباط القوات المسلحة للمناصب العليا فى الدولة، وكنت أرى أن هذا الأمر سيتحقق بشكل أسرع لو تم التصويت بنعم. 


لذلك لم أتردد كثيرا، وحسمت أمرى بمجرد قراءة التعديلات، وانشرح صدرى لذلك تمام الانشراح. برغم ذلك لم أعتبر أن الطرف الآخر لا يفهم، ولم أعتبرهم فى ضلال مبين، بل اعتبرت أن الرأيين سيوصلان لنفس النتيجة، ولكن التصويت بنعم سيوصل للنتيجة بشكل أسرع. 


مرت الأيام، وأصر المجلس العسكرى على أن يتخذ الكثير من الإجراءات التى جعلتنا نشك فى نواياه، وجعلتنا نسىء الظن فيه، وللأسف، لا يجيب علينا أحد بتفسيرات معقولة لكثير من الأشياء التى نعترض عليها. إننى أقولها بكل صراحة، والعودة للحق فضيلة، يبدو أننا قد أخطأنا حين صوتنا بـ«نعم». 


إننى أشعر بعد أن أعلن المستشار طارق البشرى موقفه من تجديد حالة الطوارئ التى جددها المجلس العسكرى قسرا، أقول إننى أشعر بأننى قد خدعت. لقد صوتُّ بـ«نعم» لكى يسلم المجلس العسكرى السلطة بعد ستة شهور، وذلك لم يحدث. لقد أكلنا البالوظة.. وشربنا الكازوزة.. بالشفا!

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

ماذا جرى فى ماسبيرو؟

المقال التالي

لا منتظر فى القاعة

منشورات ذات صلة
Total
0
Share