التيار المدنى والإسلام

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 8-1-2013 م 


ماذا لا يصدق البسطاء قادة التيار المدنى حين يقولون إنهم ليسوا ضد الشريعة وليسوا ضد الإسلام؟ هناك أسباب كثيرة، ولكن أهمها فى نظرى سبب يلام عليه غالبية المنتمين والمتحدثين باسم هذا التيار، وهو ضعف ثقافتهم الإسلامية الذى يظهر بوضوح فى كتاباتهم ولقاءاتهم المتلفزة. 


غالبية المذيعين الذين ينتمون لهذا التيار -على سبيل المثال- يكادون لا يعرفون مبادئ الشريعة، وظهر ذلك جليا حين أجرى هؤلاء المذيعون لقاءات مع مرشحى الرئاسة المنتمين للتيار الإسلامى، فترى بعض المرشحين يتكلم كلاما ساقطا، أو يُنَظِّرُ فى السياسة الشرعية أو الاقتصاد الإسلامى بكلام تافه، ولكن المذيع الذى يجرى الحوار لا يستطيع الرد، لأنه لا يفقه أساسيات الموضوع. ظهر ذلك خلال مئات المناظرات التى جرت بين المنتمين للتيار المدنى والمنتمين للتيار الإسلامى، فكان من أندر النادر أن يتحدث أى منتم للتيار المدنى فى تفاصيل المشروع الإسلامى، بل دائما نسمع نفس الكلام المتعلق بالزيت والسكر، والسمع والطاعة، ثم نسمع حديثا فى العموميات، وكيف أن الإسلام دين العقل والعلم، أما التفاصيل، فدائما ينتصر فيها الإسلاميون، لا لقوة حجتهم، بل لجهل الطرف الآخر. 


من أسوأ ما حدث أيضا فى هذا الأمر كانت عملية زرع المادة «219» فى الدستور المصرى، تلك المادة الكارثية التى رضى بها الليبراليون، ولكنهم بسبب جهلهم المطبق بمعنى هذه المادة لم يفهموا أنهم قد وضعوا قنبلة موقوتة فى دستور مصر، وظنوا أنهم قد فسروا المادة الثانية فى الدستور بما يقيدها، ولم يعرفوا أنهم قد فسروها بما يعسر على الناس، وبما يفتح الباب لدعوات حسبة لا تنتهى، كل ذلك لأن ثقافتهم الإسلامية تقترب من الصفر. 


من أسوأ ما يفعله التيار المدنى الآن أنه يساوى بين جميع الإسلاميين، فكل من ملتحٍ عدو، لا فرق بين متطرف ومعتدل، وهذا سببه أيضاً ضعف الثقافة الإسلامية، فهؤلاء لا يعلمون أن الطريقة الوحيدة لعلاج أى تطرف فى الحالة الإسلامية لن تكون بنشر الليبرالية، بل ستكون بنشر الإسلام الصحيح، وحين يفهمون ذلك ربما يكون قد فات الأوان بعد أن تم تشويه جميع المعتدلين فى حالة الاستقطاب الأعمى التى نعيشها. خلاصة القول.. لابد للتيار المدنى أن يتثقف، وأن يتعرف على المشروع الإسلامى، ولو من باب أن يعرف المرء عدوه، أما إذا كابرنا فى هذا الأمر، فسيظل العامة والبسطاء يسيرون خلف رموز التيار الإسلامى، مع أنهم -فى كثير من الأحيان- يدلسون عليهم باسم الدين، ويتم ذلك أمام رموز التيار المدنى، ولكنهم لا يملكون الرد!

المقال السابق

سعر الوقود ومصانع الأسمنت

المقال التالي

كَذَبَ الإسلاميون

منشورات ذات صلة
Total
0
Share