الأحمق

لكل داء دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها تذكرت هذا البيت وأنا أشاهد ما حدث فى ميدان التحرير فى أول أيام الشهر الكريم، فقد شعرت أننا أمام حالة حماقة، لا حل لها إلا الإحالة إلى التقاعد. 

لقد كان الوضع على وشك أن يسوى تماماً، وكان المعتصمون على وشك أن يرحلوا، ومن صبر على هذا الاعتصام ما يقرب من شهر، بإمكانه أن يصبر يوما آخر أو يومين، كما أن العنف فى مثل هذه الحالات (كما عرفنا خلال الشهور الماضية) دائما، تكون نتيجته عكسية، فيكف وجد متخذ القرار شجاعة لارتكاب مثل هذ العمل فى نهار رمضان، برغم الخبرة التى تراكمت لديه من أحداث لم يمض عليها وقت كبير! 


إن سب الدين يكرهه المصريون فى كل وقت من أوقات السنة، فما بالك إذا كان فى نهار رمضان. وسب الدين يكرهه المصريون فى كل مكان، فكيف إذا كان فى بيت من بيوت الله، ممزوجا بما تيسر من قذف للأمهات، مطعما بأحذية تنتهك حرمة المسجد نفسه! 


تذكرت ليلة سوداء أخرى فى تاريخ هذا الوطن، حين قرر أحمق ما، أن يفض اعتصاما قد بدأه أبناء جنوب السودان فى ميدان مصطفى محمود. 


كان ذلك فى أواخر ديسمبر من عام 2005، ودفعنا ثمن هذه الحماقة حين استقلت دولة جنوب السودان، فوجدنا من المسؤولين فى هذه الدولة من أهين فى هذه المجزرة، ووجدنا من يطالب السودانيين الجنوبيين بألا ينسوا هذه المجزرة التى ارتكبها المصريون والتى سقط فيها ثلاثين قتيلا بدون أى مبرر. 

لقد صبرت الدولة المصرية على هذا الاعتصام فى ميدان مصطفى محمود أسابيع طويلة، ثم قررت فجأة أن تلجأ للعنف، وتجاهلت جميع الأساليب الأخرى. 


فى ذلك الوقت، كنا نعرف من هو الأحمق الذى يتخذ مثل هذه القرارات، أما اليوم فإنى أتساءل بكل ما أوتيت من قوة ذهنية، لأعرف إجابة هذا السؤال: من هو الأحمق الذى يشير على أولى الأمر بمثل هذه التصرفات؟

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

أسوأ الافتراضات

المقال التالي

محكمة مصرية عادلة

منشورات ذات صلة
Total
0
Share