ابتسامة فى وجه قاتلى

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 6-1-2013 م 


«تبسمك فى وجه أخيك صدقة»، هكذا قال أشرف الخلق عليه الصلاة والسلام. تعودت أن أبتسم فى وجه من ينظر إلى من السيدات أو من الرجال، وبعد أن أصبح وجهى مألوفا بسبب ظهورى فى وسائل الإعلام المختلفة لم أغير هذه العادة. 


كان من أندر النادر فيما مر من سنوات أن ألتقى بشخص يكرهنى، ولا أكاد أذكر أننى قابلت أحدا يحمل نحوى ضغينة ما، حتى الذين كانوا مع النظام المخلوع كانوا يحترموننى، ويقدرون جرأتى فى إعلان موقفى من نظام مبارك، ولم يكن حبهم لمبارك طاغيا لدرجة أن يكرهوا معارضيه، فالمسألة مصالح ليس أكثر! اليوم تغير الأمر، فأصبح كثير من الناس يحمل ضغائن نحو كثير من الشخصيات العامة، ويُحَمِّل بعض هذه الشخصيات -وربما أنا منهم- مسؤوليات كثيرة، بداية من اندلاع الثورة التى أصبح بعض قصار النظر والنَّفَس يرونها قد حملت من الخسائر أكثر مما جلبت من المكاسب، مرورا بتهم كثيرة تتردد لا أصل لها، وصولا إلى التهمة المطاطة الأزلية التى لا نعرف لها ملامح واضحة، وهى جريمة انتمائك «للنخبة»! ما زلت حتى الآن حين أسير فى الشوارع يستوقفنى الناس مصافحين بود، وهذا من حسن ظنهم فىَّ، بسبب ستر الله لعيوبى، ولا أنكر أننى أشعر بامتنان شديد لكل من يحترمنى، وأتمنى أن أكون مستحقا لهذا الاحترام. ولكن.. هل يتقدم نحوى شخص ما فى يوم ما وهو يحمل سكينا كالتى طُعِنَ بها نجيب محفوظ رحمه الله؟ من طَعَنَ نجيب محفوظ لم يقرأ له كتابا، فمن الوارد أن يطعننى أحمق يظننى شيعيا أو شيوعيا، أو يرانى ليبراليا أو ملحدا، أو يرانى أستحق القتل لكلمة كتبتها أو لبيت شعر نظمته فى يوم من الأيام. الاحتمال موجود، وفى هذه الحالة من الاستقطاب، يهمس فى أذنى عزيز خلف عزيز «لماذا لا ترخص سلاحا تدافع به عن نفسك؟». 


لم أتعود أن أحمل سلاحين، وكنت وما زلت أحمل سلاحا واحدا، هو قلمى! من مميزات هذا السلاح أننى قد دخلت به أكثر الأماكن تحصينا دون أن ينتبه له أو يصادره أحد، ومن مميزاته أن طلقاته قد وصلت لمن استهدفتهم برغم بعد المسافات، وكثرة الحُجّاب والحراس، ومن مميزاته أيضا أنه سلاح لا تفرغ ذخيرته ما دام حامله مؤمنا به، متفائلا بالغد، ومن أهم مميزاته أنه لا يحتاج إلى ترخيص من أحد، ولا يضطر حامله لإخفائه، أما أعظم مميزاته، فهى أن طلقاته يمكن أن يستخدمها الآخرون آلاف المرات عبر اختلاف الزمان والمكان، فكيف أفرط فى سلاح كهذا، وأحمل سلاحا ضعيفا سخيفا كالمسدسات أو حتى الرشاشات؟. سأبتسم فى وجه قاتلى، وسينتصر سلاحى على سلاحه، ومن يدرى، لعل ابتسامتى تلك تجعله يعيد التفكير فى اللحظة الأخيرة!

المقال السابق

القائمة السوداء

المقال التالي

سعر الوقود ومصانع الأسمنت

منشورات ذات صلة
Total
0
Share