أُمَّةٌ فى العراء

بعض الحالمين يظن أن إسقاط الرئيس المنتخب من الممكن أن يتم بنفس الطريقة التى أسقط بها الرئيس المغتصب! وهذا أمر فيه مشكلتان، المشكلة الأولى مشكلة أخلاقية، لأن إسقاط الرئيس بهذا الشكل يعد انقلاباً على آليات الديمقراطية التى ارتضاها الجميع.


أما المشكلة الثانية فهى مشكلة عملية، لأن ليلة إسقاط مرسى لن تكون ليلة هانئة يحتفل فيها المصريون بإنجاز وطنى كما حدث فى ليلة إسقاط مبارك، بل ستكون بداية حريق لا يعلم مداه إلا الله، وهناك ملايين من المناصرين للرئيس مرسى سيتعاملون مع الأمر على أنه انقلاب على الديمقراطية، وسيكون العنف هو الحل.


إذا سقط الرئيس بغير الصندوق سنصبح أمة فى العراء، ولن يحل هذا الإشكال بانقلاب عسكرى، لأن الشارع لن يهدأ بنزول الجيش إلى الشوارع، وإذا رحب البعض بتحرك الجيش للسيطرة على الأوضاع، فتأكد أن آخرين على استعداد لمقاومة الجيش أيضاً، ثم إن قدرة الجيش على ضبط الشارع محدودة جداً، كما أثبتت الأيام ، وإذا تحركت جماهير المؤيدين لن يوقفها أحد، وإذا تحركت جماهير المعارضين فلن يوقفها أحد، وبالتالى سيحدث الصدام لا محالة.


إسقاط الرئيس مرسى بغير الصندوق ليس عملاً ثورياً، وما يحدث فى الشارع الآن خلاف سياسى بين طرفين كلاهما قد امتلأ عجباً وغروراً، وكلاهما قد أدخل الشباب فى معادلة الفناء القائمة على العنف، وكل من يقف خارج هذا الاستقطاب السفيه يحاول الطرفان القضاء عليه.


خلاصة الأمر، أسقطوا الرئيس بانتخابات فى موعدها أو قبل موعدها، وأسقطوا النظام بنظام جديد يصل للسلطة عبر الصناديق، ويتمكن من حل مشاكل الناس، أما إذا صمم الطرفان على جر البلاد إلى الصدام فسوف ينفرط عقد الدولة، وسنصبح لأول مرة منذ عهد المماليك.. أُمةً فى العراء!
حفظ الله مصر.

المقال السابق
Video featured image

عبد الرحمن يوسف وحوار حول وثيقة نبذ العنف 2-2-2013 م

المقال التالي
Video featured image

لقاء عبدالرحمن يوسف مع الجزيرة مباشر مصر فبراير 2013 م

منشورات ذات صلة
Total
0
Share