أطفال وشيوخ وبينهما شباب

فى مثل هذه السن (من 15 – 25) يكون الاندفاع والجموح، ويرى المرء الحياة بلونين إما أبيض، وإما أسود، وقلة الخبرة بالحياة تشوش الرؤية، ولكن فى هذه السن أيضا يكون المرء أكثر صدقا مع نفسه ومع الآخرين، ويكون قادرا ومستعدا للتضحية فى سبيل ما يؤمن به بروحه لو اقتضى الأمر. ما حدث فى مصر أن هؤلاء الشباب آمنوا بالثورة، ومارسوها عملا سلميا عظيما، ولكن بسبب العنف المفرط من النظام، وبسبب الإحباطات المتوالية، وبسبب تجاهل دورهم وإخراجهم من المعادلة السياسية، بدأ بعضهم بالتفكير فى العنف، وبممارسته، وهذا خطأ، بل هذه مصيبة من الممكن أن تحرق مصر كلها، وأن تضيع كل مكتسبات ثورة يناير، ولكن ما حدث أن هناك سياسيين عجائز لا يملكون شجاعة أن يقفوا أمام هؤلاء ليقولوا لهم: «لا للعنف».

إنهم عجائز فى التفكير، وفى العزيمة، وفى القدرة على الخيال، وفى إمكانياتهم التنظيمية، ولا هم لأحدهم إلا مجده الشخصى، وبالتالى يتم ابتزازهم من مجموعات من المراهقين الذين لا يدركون أبعاد ما يفعلونه. فى خضم هذه الحالة السيريالية يقف ملايين من شباب مصر العقلاء خارج هذه الحالة السياسية المبتذلة، وهؤلاء هم الأمل الحقيقى للبلد. هؤلاء الذين قاوموا هراوة الأمن، ورفضوا تعلم كيف يصنع المولوتوف، وانخرطوا فى عمل جاد منظم يؤدى إلى تراكم حقيقى على المدى القصير والمتوسط والبعيد، أقول إن هؤلاء هم أمل مصر، وهم من سيفتح لها طاقة نور بإذن الله.

إن مصر اليوم تتحرك بمجموعة من العجائز، يبتزهم مجموعة من الأطفال، والأمل فى الشباب الذين يقفون فى المنتصف، هؤلاء الذين يحاولون التصرف بحكمة، دون الانسياق خلف اندفاع المراهقين، ودون أن ينجروا خلف سعى العجائز لمجد شخصى. ملحوظة: هذه المقالة عابرة للأيدلوجيات!
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين.

المقال السابق

يسقط الكابتن الجوهرى..!

المقال التالي

كى نصل إلى الاستقرار

منشورات ذات صلة
Total
0
Share