أرى باطلين يتصارعان!

لست محايداً، بل أنا ضد الاثنين، ولست مائعاً، بل سأواجه الاثنين، ولست ليبرالياً يتبرأ الإسلام منه، ولست إخوانياً مقنعاً، بل أنا مواطن مصرى، ساهم فى إشعال ثورة يناير، ونال شرف ثقة كثير من الناس، ولن أبيع ضميرى إرضاء لأحد الفريقين. لم أتعود أن يتخذ لى قراراتى الوطنية أمثال بعض قيادات ما يسمى «جبهة الإنقاذ» (مع احترامى لمن يستحق الاحترام منهم)، ولم أتعود أن أسير خلف المرشد وجماعته (مع تقديرى لمن يستحق التقدير فيها)، ولن أسمح لأحد أن يقودنى إلى معركته، لأنى أعرف عدوى جيداً، وأعرف معركتى جيداً، ولن أجلس على مقاعد المتفرجين أشاهد أمثال هذه «القيادات» تتصرف بمنتهى الحمق حتى تكاد تدمر مصر.

لقد سقط خلال أحداث العامين الماضيين فريقان كنا نظنهما على خير، وسقط معهما كثير من الرموز، وتكاد تسقط الدولة كذلك، ولا بد من إقامة عقد اجتماعى جديد بعد رفع كل هذه الأنقاض. إن الذين يرفضون أن يكونوا مع أحد المتخاصمين اللذين يجران مصر للعنف جرا ليسوا محايدين، بل هم القابضون على الجمر، وتسقط عليهم السهام من حمقى الفريقين، وما أكثرهم، ولسان حالهم يردد قول الشاعر: ولرُبّما ابتسمَ الوقورُ من الأذى/ وضميرهُ من حرّه يتأوَّهُ / ولرُبَما خَزَنَ الحليمُ لِسانهُ / حذرَ الجوابِ وإِنه لمفوّهُ! لا للعنف، ولا للمتاجرة بالدين، ولا للترزق بالثورة، ولا للإقصاء باسم الوطنية، ولا لسيطرة العجزة والعجائز على الحياة السياسية.

رسالتى إلى شباب مصر أن ينأوا بأنفسهم عن هذا الاستقطاب المقيت، وأن يخرجوا من كآبة معارك الماضى وأحقاده، إلى رحابة العمل من أجل المستقبل وآماله وأحلامه. أسسوا أحزابكم، واتصلوا بالناس فى كل مكان، افهموا مشاكلهم، وابدأوا بابتكار الحلول، وواصلوا العمل من أجل البسطاء. فلتسقط الأيديولوجيات إذا كانت لن تضيف لنا شيئاً سوى إراقة الدماء بلا معنى، ولتذهب المذاهب السياسية إلى الجحيم، إذا كانت ستعيدنا للخلف.


يا شباب مصر.. اقفزوا فوق الأيديولوجيات، واعملوا سويا، لكى ترى مصر مستقبلا أفضل، يعيش المواطن فيه حياة كريمة، وحينها سيتمكن المواطن من اختيار الأيديولوجية التى يقتنع بها. عاشت مصر للمصريين وبالمصريين..

المقال السابق

الزعيم الوطنى «قذاف الدم»!

المقال التالي
الشاعر عبد الرحمن يوسف

نشاط عبدالرحمن يوسف الأدبي والسياسي بالإسكندرية يومي 25 و 26 مارس .

منشورات ذات صلة
Total
0
Share