أحمد سبع الليل

المقال منشور بجريدة اليوم السابع 9-1-2012 م 

مازال أحمد سبع الليل موجوداً، لم يتغير شىء، ولم يحاول أحد – حتى الآن – أن يعيده إلى حقله فى بلدته الريفية. أحمد سبع الليل هو الشخصية الرئيسية فى الفيلم السينيمائى الرائع الذى كتبه السيناريست الأستاذ وحيد حامد وأخرجه المخرج العظيم عاطف الطيب. 

نتذكر الممثل العبقرى أحمد زكى وهو يؤدى هذا الدور ببراعة لا تصدق. حين زرت مصابى الثورة فى أحداث مجلس الوزراء فى نوفمبر الماضى منذ يومين لم أجد سوى ضحايا لأحمد سبع الليل. 


اذهب وزر بنفسك المصابين فى قصر العينى الفرنساوى، وتأكد من جميعهم، كيف أن جنود جيشنا كانوا يضربونهم بكل ضمير وهم يصرخون فيهم (خربتم البلد يا كفرة)! 


ما زلت أذكر أحمد سبع الليل وهو يخنق رشاد عويس (صلاح قابيل) أثناء محاولته الهرب، وكيف ركض خلفه بكل همة وهو يظن أنه يؤدى عملا جليلا للوطن، وكيف قتله بلا أدنى شعور بالذنب، وكيف قال له رشاد عويس: (إنت مش فاهم حاجه، إنت حمار)، وكيف أجاب الآخر بكل ثبات (خسئت يا عدو الوطن). 


حين شاهدت الفيديو المشؤوم ورأيت الجنود وهم يضربون الأولاد والبنات بكل عنفوان وإخلاص، قلت فى نفسى: (كلهم أحمد سبع الليل)، فهذا ليس ضرباً من شخص مجبر، بل ضرب من رجال يحملون رسالة سامية. 


لقد كان أحمد سبع الليل ضحية قائده توفيق شركس (محمود عبدالعزيز)، فقد أفهمه أن هؤلاء الموجودين فى المعتقل هم أعداء الوطن. 

وسائل الإعلام الرسمية اليوم تحاول أن تصنع ملايين النسخ من أحمد سبع الليل، لكى يفتكوا بأعداء الوطن الذين يمولون من الخارج، ويتظاهرون ويغلقون الميادين، ويعطلون عجلة الإنتاج، ويقومون بكل الرذائل فى وضح النهار، ويهدفون إلى إسقاط الدولة. 


ما زلت أذكر أبى – حفظه الله – وعيناه تدمع أثناء مشاهدة المشهد المؤثر، حين عرف أحمد سبع الليل أنه حمار، فقد تذكر أبى بهذا المشهد مشهدا مماثلا تعرض له هو شخصيا فى المعتقل. فى هذا المشهد سُجن أحمد سبع الليل فى زنزانة واحدة مع ابن قريته حسين وهدان (ممدوح عبدالعليم)، وفهم منه أن هؤلاء المعتقلين أشرف من فى الوطن، فبكى أحمد سبع الليل وهو يقول (أنا قتلت واحد منهم، وقال لى إنت حمار ومش فاهم حاجة). 

ترى.. كم جنديا سيبكى حين يعرف حقيقة ما فعله فى المحصنات المناضلات وفى الشباب المضحى من أجل مصر بدمه وبنور عينيه؟ إن الجريمة الحقيقية ليست من فعل الجنود، بل هى من فعل شخص واحد كلنا نعرفه، ولا بد من محاكمة من حوّل هؤلاء إلى أحمد سبع الليل. لن نسكت حتى تتم محاكمة.. محمود عبدالعزيز!

رابط المقال على موقع اليوم السابع

المقال السابق

ماذا تريدون أكثر من ذلك؟

المقال التالي

الطرف الثالث

منشورات ذات صلة
Total
0
Share