حوار جريدة الشرق 13 يناير 2017

عبدالرحمن يوسف المتحدث باسم الهيئة التحضيرية للجمعية الوطنية المصرية 

– هدفنا البناء لا الهدم ونملك مشروع جمهورية جديدة بحكم رشيد                     – السيسي ضعيف وبلا ظهير شعبي وحلفاؤه الدوليون يعدونه عبئا عليهم

– الاصطفاف بمنظورنا يعني اصطفاف أهل الحق مع أهل الحق لنصرة الحق          – معارضو الاصطفاف يجتهدون للنيل من رفقائهم الداعين لإنهاء حكم العسكر

– الارتباط بالتواريخ واستنساخ التجارب الماضية أفكار ساذجة                         – الجيش بات يحكم البلاد بشكل مباشر بعد أن كان خلف ستار

– حلفاء النظام لا يجدون بديلا مقبولا يدفعهم للمخاطرة بالاستغناء عنه                – الثورة فقدت زخمها وأوشكت أن تفقد بعض حلفائها في الخارج

– التفاوض مع النظام سيكون في اللحظة الأخيرة لإعادة المسروقات منه              – الإخوان أحد مكونات الحياة السياسية في مصر ولا يمكن إقصاؤهم

– البعض باع الوهم للجماهير بأن النصر سيتحقق بالضربة القاضية                   – الفساد والخيانات أصبحا واضحيْن تماما أمام جماهير شعبنا العظيم

– أرى أننا في نهاية الحقبة العسكرية في مصر وفي الوطن العربي كله               – من أدار المعركة مع النظام لم يحسن توظيف الكفاءات واستثمار أخطائه

وقّع في شهر نوفمبر الماضي، عدد من الرموز السياسية المصرية بالخارج، المعارضون منهم لحكم “السيسي”، والرافضون بالجملة لـ”الانقلاب العسكري”، بيان الهيئة التحضيرية للجمعية الوطنية المصرية، وهي بحسب مصادر مقربة كيان وليد يهدف إلى رحيل النظام المصري وعودة المسار الديمقراطي للبلاد.

ودعا الموقعون كلَّ من وصفوهم بشرفاء مصر للقيام بواجبهم في رفع أصواتهم بضرورة رحيل السلطة الحالية، وإعادة البلاد إلى شعبها الذي جرى إقصاؤه عن المساهمة في إدارة بلده أو المشاركة في بناء مستقبله أو حتى فهم ما يجري له على يد إدارة لا تليق به ولا تليق بمصرنا.

“الشرق” التقت الشاعر عبدالرحمن يوسف المتحدث باسم الهيئة التحضيرية للجمعية الوطنية المصرية الذي أكد أن مصر مهيأة لتغيير كبير، بعد أن انتهت شرعية الحكم العسكري تماماً، وبعد أن بات الجيش يحكم ويمارس العمل السياسي بشكل مباشر، وتسبب في انهيار قطاعات مهمة في الدولة، والمرافق والخدمات محدودة ومهملة.

وقال يوسف إننا في نهاية الحقبة العسكرية في مصر وفي الوطن العربي كله.. وكل ما نراه من استبداد سينتهي قريبا.. صحيح أن ما بعده ليس سهلا.. ولكنه سينتهي قريبا لا محالة.

وبيّن يوسف أن الجمعية الوطنية المصرية تهدف لإقامة دولة يناير، وإعادة توزيع الثروات، بمعنى أن لا تكون خيرات المال العام مخصصة لوزارات معينة كالجيش والشرطة والقضاء، بينما تظل ميزانية الصحة والتعليم محدودة.

وعن الاصطفاف قال يوسف إنه من وجهة نظرنا هو اصطفاف أهل الحق مع أهل الحق لنصرة الحق! لكن البعض يحاول تصويره وكأنه خلط الزيت بالماء، أو اصطفاف أهل الحق مع أهل الباطل.. وهذا كلام فيه تجنٍ.

وإلى نص الحوار..

* بداية ونحن على مقربة من الذكرى السادسة لثورة الخامس والعشرين من يناير.. ما توقعاتكم لهذا اليوم.. وهل سيمر بشكل عادي أم هناك مستجدات ستحدث؟

** في الحقيقة الارتباط بالتواريخ والرغبة في استنساخ التجارب الماضية وانتظار “يوم الحسم” كلها أفكار ساذجة، ساعد على تغذيتها قيادات لا تحسن إدارة معركة التغيير، وهذا سبب أساسي لإحباط كثير من جيل الشباب عاما بعد عام، ومناسبة بعد مناسبة.. دون أن يتحقق النصر (بالضربة القاضية) كما حاول البعض أن يبيع هذا الوهم للجماهير.

المشهد المصري

* كيف تنظر للمشهد المصري الحالي.. وخاصة مع سيطرة الجيش على مؤسسات الدولة الاقتصادية وغيرها؟

** بكل تأكيد مصر مهيأة لتغيير كبير، فقد انتهت شرعية الحكم العسكري تماما.. كان الجيش يحكم من خلف الستار، واليوم أصبح يحكم ويمارس العمل السياسي بشكل مباشر، وتسبب ذلك في انهيار قطاعات مهمة في الدولة، وانهيار الخدمات التي تقدم للناس، كما أن الفساد والخيانات أصبحا واضحيْن تماما أمام جماهير شعبنا العظيم.

* إذا كان أحد المذيعين قادرا على الوصول إلى مكالمات هاتفية لرئيس أركان الجيش المصري وإذاعتها علنا.. فإلى أين يمكن أن تصل أيادي إسرائيل؟

** إذا كانت الدولة المصرية تقدم أراضيها هدية — دون منازعة أو مطالبة — إلى الآخرين، وتقاتل دون ذلك، وتسجن من يقاوم هذه الخيانة العلنية.. فكيف

يمكن أن نتخيل استمرار هذا النظام؟ وبأي شرعية؟ وتحت أي زعم؟

إن سيطرة الجيش على عصب الاقتصاد المصري، وتدخله في سائر المجالات الاقتصادية والسياسية، تزامن مع فشل اقتصادي ذريع، وكل ذلك لا يخفى على أحد!

لقد كان هناك عقد اجتماعي بين الدولة المصرية والشعب المصري.. كانت خلاصته أن الدولة تكفل للناس رغيف الخبز في مقابل أن يبتعد الناس عن الشأن السياسي تماما، والحقيقة أنه منذ عهد مبارك تم فسخ هذا التعاقد، فالمواطن بعيد تماما عن السياسة، ولكنه لا يحصل على الرغيف.

من كل ذلك.. أرى أننا في نهاية الحقبة العسكرية في مصر وفي الوطن العربي كله.. وكل ما نراه من استبداد سينتهي قريبا.. صحيح أن ما بعده ليس سهلا.. ولكنه سينتهي قريبا لا محالة.

إخفاق النظام

* هناك سؤال دائما ما يتردد في أذهان المتابعين للشأن المصري.. لماذا تعجز المعارضة المصرية بكافة أشكالها على استثمار إخفاقات السيسي في كافة الشؤون؟

** لأن من أدار المعركة لم يحسن توظيف الكفاءات، ولم يتمكن من استثمار أخطاء النظام، ولم يحسن بناء التحالفات في الداخل والخارج، ولم يتمكن من صياغة خطاب سياسي مقنع، والنتيجة أننا بعد أكثر من ثلاث سنوات من الانقلاب نرى حراك الشارع يلفظ أنفاسه الأخيرة، والحلفاء الدوليون والإقليميون على وشك التخلي عن دعم الثورة المصرية، وأصبح الملف المصري عبئا عليهم في ضوء هذا الأداء السيء.

كذلك يحدث هذا في الوقت الذي يعاني فيه نظام “سيسي” داخليا وخارجيا، فهو نظام ضعيف، بلا أي ظهير شعبي، وحلفاؤه الدوليون “هو الآخر ويا للمفارقة” يرونه عبئا كبيرا، ولكنهم لايجدون أي مشروع أو بديل مقبول يدفعهم للمخاطرة بالاستغناء عن هذا النظام.

أيضا تفرق الثوار السبب الأول والأهم في بقاء هذا النظام المستبد، وقد رزقنا الله بمجموعة من معارضي الاصطفاف، يتحركون بكل نشاط لقتل أي دعوة أو محاولة لتغيير هذه المعادلة، وأصبحت جهودهم موجهة للنيل من زملائهم ورفقائهم الداعين لإنهاء حكم العسكر، بدلا من وضع طاقاتهم في مقاومة الانقلاب.

لقد فقدت الثورة المصرية كثيرا من زخمها، وهي على وشك أن تفقد بعض حلفائها في الخارج.. وحاول أن “تراجع مواقف الدول الحليفة في الشهور والأسابيع الأخيرة”، وأصبح توحد الثوار وإعادة الزخم الثوري واجبا، ولكن زملاءنا الذين أوصلونا إلى هذه النتائج مازالوا مصرين على تصدر العمل، وعلى منع غيرهم من إضافة أي جديد نافع.

* بعيداً عن جماعة الإخوان… ما رؤيتكم في الجمعية الوطنية لكيفية إصلاح الشأن المصري.. هل بإسقاط النظام أو بطرق أخرى مثل مفاوضته والتعاطي معه؟

لا يمكن التعامل مع هذا النظام.. هذا النظام غير قابل للتفاوض أصلا!

أتحدث عن الدولة المصرية بمكوناتها الحالية وعلى رأسها السيد عبدالفتاح “سيسي”، هذا الكيان — حتى إذا أطلقنا عليه لفظ دولة — غير قابل للبقاء ولا للتفاوض. التفاوض الوحيد مع هؤلاء سيكون (تفاوض اللحظة الأخيرة) على إعادة المسروقات!

أما جماعة الإخوان فهي مكون من مكونات الحياة السياسية في مصر، وشاركت في ثورة يناير، ولا يمكن إقصاؤها — هي وجميع المصريين الشرفاء — من الممارسة السياسية، أو من خريطة التوافق الثوري.

* ما أهم أهدافكم في الجمعية الوطنية، هل رحيل السيسي ومن حوله أو إسقاط النظام كاملاً؟

** هدفنا البناء لا الهدم، نحن نملك مشروع جمهورية جديدة، هدفنا إقامة هذا النموذج من الحكم الرشيد، ووجود “سيسي” ونظامه الحالي مرحلة قد انتهت، وهم عائق أمام دولة الثورة التي تهدف لإنصاف المهمشين، وإعادة توزيع الثروات، وحفظ كرامة المصريين، وصيانة حدود الدولة ومصالحها الثابتة.

* هل لديكم مشروع واضح لمواجهة الانقلاب العسكري وإسقاط النظام؟

** مشروعنا هو إقامة دولة يناير.. ودولة لها صفات عشر:

1 دولة مدنية ديمقراطية.

2 دولة العدالة الاجتماعية.

3 دولة الحريات التأسيسية والكرامة الإنسانية.

4 دولة الاستقلال الوطني.

5 دولة القانون والمؤسسات.

6 دولة العدل والمساواة والتعددية والمواطنة.

7 دولة ذات هوية مصرية عربية إسلامية تتواصل مع كل الإنسانية.

8 دولة الشفافية والمساءلة والمحاسبة.

9 دولة المشاركة: لا تُقصي طرفا، ولا تهمَّش أي طاقة أو فاعلية.

10دولة تمكين الشباب والمرأة.

إصلاح الاقتصاد

* ماذا عن الوضع الاقتصادي المتردي.. هل لديكم رؤية محددة لتصحيحه؟

** هناك رؤى كثيرة للاقتصاد المصري، ولكن لا بد من خطوتين أساسيتين، الأولى: إعادة توزيع الثروات، بمعنى أن لا تكون خيرات المال العام مخصصة لوزارات معينة كالجيش والشرطة والقضاء، بينما تظل ميزانية الصحة والتعليم والمرافق والخدمات محدودة ومهملة.

الخطوة الثانية: هي إتاحة الفرصة للمنتجين بالقضاء على الفساد وإتاحة تكافؤ الفرص.

مصر بلد يستطيع أن ينتج عشرات المنتجات الصناعية والزراعية، ولكن بسبب الفساد الضارب في جذور الدولة نراها تستورد كل شيء، ولا تكاد تزرع أو تصنّع.

الاصطفاف الثوري

* فيما يخص موضوع الاصطفاف.. ما فلسفتكم في هذا الأمر.. وهل الاصطفاف شامل لكل القوى السياسية حتى التي شاركت في 30 يونيو وأيدت 3/7؟

** الاصطفاف هو اصطفاف أهل الحق مع أهل الحق لنصرة الحق! البعض يحاول تصويره وكأنه خلط الزيت بالماء، أو اصطفاف أهل الحق مع أهل الباطل… وهذا كلام فيه تجنٍ. حقيقة الاصطفاف هو الاتفاق على مشروع وطني، من الممكن إجماله في خمسة محاور:

المحور الأول: شكل الدولة المصرية الجديدة.

المحور الثاني: برنامج العدالة الانتقالية.

المحور الثالث: شكل الفترة الانتقالية بعد إسقاط الانقلاب.

المحور الرابع: العلاقات المدنية العسكرية.

المحور الخامس: ملفات إعادة هيكلة أجهزة الأمن والأجهزة السيادية.

وأستطيع أن أقول إن جزءا كبيرا من هذه المحاور فيه دراسات وأوراق يتفق عليها غالبية من شارك في الثورة المصرية.

* أخيراً هل هناك أمل في مؤسسات الدولة المصرية بعد أن استطاع الانقلاب جرها لتتبنى توجهاته؟

المؤسسات المصرية ستخضع لبرنامج العدالة الانتقالية، وستكون ملكا لكل المصريين، ومن الطبيعي أن يستغرق ذلك وقتا، وأن تكون هناك عملية انتقال صعبة لها مشاكلها.. ولكن بالتصميم والإخلاص سننجز ذلك، كما أنجزته عشرات الدول من قبلنا.

المقال السابق
Video featured image

الشاعر عبد الرحمن يوسف ضيف نافذة تفاعلية قناة الجزيرة مباشر يناير 2017

المقال التالي

توحيد الجماعة الوطنية

منشورات ذات صلة
Total
0
Share